استئناف بياني بتنزيل سامع قوله:
{ { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [الزخرف: 65] مَنزلةَ من يطلب البيان فيسأل: متى يحلّ هذا اليوم الأليم؟ وما هو هذا الويل؟ فوردت جملة { هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة } جواباً عن الشقّ الأول من السؤال، وسيجيء الجواب عن الشق الثاني في قوله: { { الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوّ } [الزخرف: 67] وفي قوله: { { إن المجرمين في عذاب جهنم } [الزخرف: 74] الآيات.وقد جرى الجواب على طريقة الأسلوب الحكيم، والمعنى: أن هذا العذاب واقع لا محالة سواء قرب زمان وقوعه أم بعُد، فلا يريبكم عدم تعجيله قال تعالى:
{ { قل أرأيتم إن أتاكم عذابُه بَيَاتاً أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون } [يونس: 50]، وقد أشعر بهذا المعنى تقييد إتيان الساعة بقيد { بغتة } فإن الشيء الذي لا تسبقه أمارة لا يُدرَى وقتُ حلوله.و{ ينظرون } بمعنى ينتظرون، والاستفهام إنكاري، أي لا ينتظرون بعد أن أشركوا لحصول العذاب إلا حلولَ الساعة. وعبر عن اليوم بالساعة تلميحاً لسرعة ما يحصل فيه.
والتعريف في { الساعة } تعريف العهد. والبغتة: الفجأة، وهي: حصول الشيء عن غير ترقّب.
و{ أن تأتيهم } بدل من { الساعة } بدلاً مطابقاً فإن إتيان الساعة هو عين الساعة لأن مسمى الساعة حلول الوقت المعيّن، والحلول هو المجيء المجازي المراد هنا.
وجملة { وهم لا يشعرون } في موضع الحال من ضمير النصب في { تأتيهم }. والشعور: العلم بحصول الشيء الحاصل.
ولما كان مدلول { بغتة } يقتضي عدم الشعور بوقوع الساعة حين تقع عليهم كانت جملة الحال مؤكدة لِلجملة التي قبلها.