خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٨٩
-الزخرف

التحرير والتنوير

الفاء فصيحة لأنها أفصحت عن مقدر، أي إذْ قلتَ ذلك القيل وفوضتَ الأمر إلينا فسأتَولى الانتصاف منهم فاصفح عنهم، أي أعرض عنهم ولا تحزن لهم وقل لهم إن جادلوك: { سلامٌ }، أي سلمنا في المجادلة وتركناها. وأصل { سلام } مصدر جاء بدلاً من فعله. فأصله النصب، وعدل إلى رفعه لقصد الدلالة على الثبات كما تقدم في قوله: { { الحمد لله ربّ العالمين } [الفاتحة: 2].

يقال: صَفح يصفح من باب منع بمعنى: أعرضَ وترك، وتقدم في أول السورة { { أفنضربُ عنكم الذكر صفحاً } [الزخرف: 5] ولكن الصفح المأمور به هنا غير الصفح المُنكَر وقوعُه في قوله: { أفنضرب عنكم الذكر صَفحاً }. وفرع عليه { فسوف تعلمون } تهديداً لهم ووعيداً. وحذف مفعول { تعلمون } للتهويل لتذهب نفوسهم كل مذهب ممكن. وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ورَوْح عن يعقوب { تعلمون } بالمثناة الفوقية على أن { فسوف تعلمون } مما أمر الرسول بأن يقوله لهم، أي وقل سوف تعلمون. وقرأه الجمهور بياء تحتية على أنه وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه منتقم من المكذبين.

وما في هذه الآية من الأمر بالإعراض والتسليم في الجدال والوعيد ما يؤذن بانتهاء الكلام في هذه السورة وهو من براعة المقطع.