خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١٣
-الجاثية

التحرير والتنوير

{ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ }.

هذا تعميم بعد تخصيص اقتضاه الاهتمام أولاً ثم التعميم ثانياً. و{ ما في السمٰوات وما في الأرض } عام مخصوص بما تحصل للناس فائدة من وجوده: كالشمس للضياء، والمطر للشراب، أو من بعض أحواله: كالكواكب للاهتداء بها في ظلمات البر والبحر، والشجر للاستظلال، والأنعام للركوب والحرث ونحو ذلك. وأما ما في السماوات والأرض مما لا يفيد الناس فغير مراد مثل الملائكة في السماء والأهوية المنحبسة في باطن الأرض التي يأتي منها الزلزال.

وانتصب { جميعاً } على الحال من { ما في السمٰوات وما في الأرض }. وتنوينه تنوين عوض عن المضاف إليه، أي جميع ذلك مثل تنوين (كل) في قوله: { { كلاً هدينا } [الأنعام: 84].

و(من) ابتدائية، أي جميع ذلك من عند الله ليس لغيره فيه أدنى شركة. وموقع قوله: { منه } موقع الحال من المضاف إليه المحذوف المعوّض عنه التنوين أو من ضمير { جميعاً } لأنه في معنى مجموعاً.

{ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }.

أي في ذلك المذكور من تسخير البحر وتسخير ما في السموات والأرض دلائل على تفرد الله بالإلـٰهية فهي وإن كانت منناً يحق أن يشكرها الناس فإنها أيضاً دلائل إذا تفكر فيها المنعَم عليهم اهتدوا بها، فحصلت لهم منها ملائمات جسمانية ومعارف نفسانية، وبهذا الاعتبار كانت في عداد الآيات المذكورةِ قبلها من قوله: { { إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين } [الجاثية: 3]، وإنما أُخرت عنها لأنها ذكرت في معرض الامتنان بأنها نعم، ثم عُقبت بالتنبيه على أنها أيضاً دلائل على تفرد الله بالخلق.

وأوثر التفكر بالذكر في آخر صفات المستدلين بالآيات، لأن الفكر هو منبع الإيمان والإيقان والعلم المتقدمة في قوله: { { لآيات للمؤمنين } [الجاثية: 3] { { آياتٌ لقوم يوقنون } [الجاثية: 4] { { آياتٌ لقوم يعقلون } [الجاثية: 5].