خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٩٨
مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
٩٩
-المائدة

التحرير والتنوير

استئناف ابتدائي وتذييل لما سبق من حظر الصيد للمحرم وإباحة صيد البحر والامتنان بما جعل للكعبة من النعم عليهم ليطمئنّوا لِما في تشريع تلك الأحكام من تضييق على تصرّفاتهم ليعلموا أنّ ذلك في صلاحهم، فذيل بالتذكير بأنّ الله منهم بالمرصاد يجازي كل صانع بما صنع من خير أو شر. وافتتاح الجملة بــ { اعلموا } للاهتمام بمضمونها كما تقدّم عند قوله تعالى: { واتقوا الله واعلموا أنّكم ملاقوه } في سورة البقرة (223). وقد استوفى قوله: { إن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم } أقسام معاملته تعالى فهو شديد العقاب لمن خالف أحكامه وغفور لمن تاب وعمل صالحاً. وافتتاح الجملة بلفظ { اعلموا } للاهتمام بالخبر كما تقدّم عند قوله تعالى: { واعلموا أنّكم ملاقوه } في سورة البقرة (223).

وجملة { ما على الرسول إلاّ البلاغ } معترضة ذيل بها التعريض بالوعيد والوعد. ومضمونها إعذار الناس لأن الرسول قد بلّغ إليهم ما أراد الله منهم فلا عذر لهم في التقصير، والمنّة لله ولرسوله فيما أرشدهم إليه من خير.

والقصر ليس بحقيقي لأنّ على الرسول أموراً أخر غير البلاغ مثل التعبّد لله تعالى، والخروج إلى الجهاد، والتكاليف التي كلّفه الله بها مثل قيام الليل، فتعيّن أنّ معنى القصر: ما عليه إلاّالبلاغ، أي دون إلجائكم إلى الإيمان، فالقصر إضافي فلا ينافي أنّ على الرسول أشياء كثيرة. والإتيان بحرف (على) دون (اللام) ونحوها مؤذن بأنّ المردود شيء يتوهّم أنّه لازم للرسول من حيث إنّه يدّعي الرسالة عن الله تعالى.

وقوله: { والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } عطف على جملة { اعلموا أنّ الله شديد العقاب }. وهي تتميم للتعريض بالوعيد والوعد تذكيراً بأنّه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ظاهرها وباطنها. وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي هنا لإفادة تقوّي الحكم وليس لإفادة التخصيص لنبُوّ المقام عن ذلك.

وذكر { ما تبدون } مقصود منه التعميم والشمول مع { ما تكتمون } وإلاّ فالغرض هو تعليمهم أنّ الله يعلم ما يسرّونه أمّا ما يبدونه، فلا يُظنّ أنّ الله لا يعلمه.