خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
٦٨
-التوبة

التحرير والتنوير

هذه الجملة إمّا استئنافٌ بياني ناشيء عن قوله: { إن المنافقين هم الفاسقون } [التوبة: 67]، وإمّا مبيِّنَةٌ لجملة { { فنسيهم } [التوبة: 67] لأنّ الخلود في جهنم واللعنَ بَيَان للمرادِ من نسيان الله إيّاهم.

والوعد أعمّ من الوعيد، فهو يطلق على الإخبار بالتزام المخبِر للمخبَر بشيء في المستقبل نافع أو ضار أو لا نفع فيه ولا ضرّ { هذا ما وعد الرحمٰن } [يس: 52]. والوعيد خاصّ بالضارّ.

وفعل المضي هنا: إمّا للإخبار عن وعيد تقدّم وعَدَه الله المنافقين والمنافقات تذكيراً به لزيادة تحقيقه وإمّا لصوغ الوعيد في الصيغة التي تنشأ بها العُقود مثل (بعت ووهبت) إشعاراً بأنّه وعيد لا يتخلّف مثل العقد والالتزام.

والإظهار في مقام الإضمار لتقرير المحكوم عليه في ذهن السامع حتى يتمكّن اتّصافهم بالحكم.

وزيادة ذِكر { الكفار } هنا للدلالة على أنّ المنافقين ليسوا بأهون حالاً من المشركين إذ قد جمع الكفر الفريقين.

ومعنى { هي حسبهم } أنّها ملازمة لهم. وأصل حَسْب أنّه بمعنى الكافي، ولمَّا كان الكافي يلازمه المكفي كني به هنا عن الملازمة، ويجوز أن يكون { حسب } على أصله ويكون ذكره في هذا المقام تهكماً بهم، كأنّهم طلبوا النعيم، فقيل: حسبهم نار جهنم.

واللعن: الإبعاد عن الرحمة والتحقير والغضب.

والعذاب المقيم: إن كان المراد به عذاب جهنّم فهو تأكيد لقوله: { خالدين فيها هي حسبهم } لدفع احتمال إطلاق الخلود على طول المدّة، وتأكيد للكناية في قوله: { هي حسبهم } وإن كان المراد به عذاباً آخر تعيّن أنّه عذاب في الدنيا وهي عذاب الخزي والمذلّة بين الناس.

وفي هذه الآية زيادة تقرير لاستحقاق المنافقين العذاب، وأنّهم الطائفة التي تعذب إذا بقُوا على نفاقهم، فتعيّن أنّ الطائفة المعفو عنها هم الذين يؤمنون منهم.