خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٨١
-الحجر

أضواء البيان في تفسير القرآن

ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه آتى أصحاب الحجر- وهم ثمود - آياته فكانوا عنها معرضين. والإعراض: الصدود عن الشيء وعدم الالتفات إليه. كأنه مشتق من العرض - بالضم - وهو الجانب. لأن المعرض لا يولي وجهه بل يثني عطفه ملتفتاً صاداً.
ولم يبين جل وعلا هنا شيئاً من تلك الآيات التي آتاهم، ولا كيفية إعراضهم عنها، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر. فبين أن من أعظم الآيات التي آتاهم: تلك الناقة التي أخرجها الله لهم. بل قال بعض العلماء: إن في الناقة المذكورة آيات جمة: كخروجها عشراء، وبراء، جوفاء من صخرة صماء، وسرعة ولادتها عند خروجها، وعظمها حتى لم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعاً، وكثرة شربها. كما قال تعالى:
{ { لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [الشعراء: 155] وقال: { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } [القمر: 28].
فإذا علمت ذلك فاعلم أن مما يبين قوله هنا: { وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا } قوله:
{ فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [الشعراء: 154-155] وقوله: { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } [الأعراف: 73] الآية. وقوله: { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً } [الإسراء: 59] الآية. وقوله: { إِنَّا مُرْسِلُو ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } [القمر: 27] وقوله: { وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } [هود: 64] إلى غير ذلك من الآيات.
وبين إعراض قوم صالح عن تلك الآيات في مواضع كثيرة. كقوله:
{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الأعراف: 77] وقوله { { فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ } [هود: 65] الآية. وقوله: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } [الشمس: 11-14] الآية. وقوله: { { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [القمر: 29]. وقوله: { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا } [الإسراء: 59]. وقوله: { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ } [الشعراء: 153-154] الآية. إلى غير ذلك من الآيات.