خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً
٩٤
-الإسراء

أضواء البيان في تفسير القرآن

هذا المانع المذكور هنا عادي. لأنه جرت عادة جميع الأمم باستغرابهم بعث الله رسلاً من البشر. كقوله: { قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } [إبراهيم:10] الآية، وقوله: { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } [المؤمنون:47] الآية، وقوله: { أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } [القمر:24]، وقوله: { ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَقَالُوۤاْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } [التغابن:6] الآية، وقوله: { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } [المؤمنون:34] إلى غير ذلك من الآيات.
والدليل على أن المانع في هذه الآية عادي: أنه تعالى صرح بمانع آخر غير هذا "في سورة الكهف" وهو قوله:
{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } [الكهف:55] فهذا المانع المذكور "في الكهف" مانع حقيقي. لأن من أراد الله به سنة الأولين: من الإهلاك، أو أن يأتيه العذاب قبلاً - فإرادته به ذلك مانعة من خلاف المراد. لاستحالة أن يقع خلاف مراده جل وعلا. بخلاف المانع "في آية بني إسرائيل" هذه، فهو مانع عادي يصح تخلفه. وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب".