خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً
١٠
-الكهف

أضواء البيان في تفسير القرآن

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة من صفة أصحاب الكهف - أنهم فتية، وأنهم أووا إلى الكهف، وأنهم دعوا ربهم هذا الدعاء العظيم الشامل لكل خير، وهو قوله عنهم { رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً }.
وبين في غير هذا الموضع أشياء أخرى من صفاتهم وأقوالهم، كقوله:
{ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } [الكهف: 13] إلى قوله { يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً } [الكهف: 16] و{ إذ } في قوله هنا { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ } منصوبة بـ { اذكر } مقدراً. وقيل: بقوله { عَجَباً } [الكهف: 9] ومعنى قوله { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ } أي جعلوا الكهف مأوى لهم ومكان اعتصام.
ومعنى قوله: { آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } أي أعطنا رحمة من عندك. والرحمة هنا تشمل الرزق والهدى والحفظ مما هربوا خائفين منه من أذى قومهم، والمغفرة.
والفتية: جمع فتى جمع تكسير، وهو من جموع القلة. ويدل لفظ الفتية على قلتهم، وأنهم شباب لا شيب، خلافاً لما زعمه ابن السراج من: أن الفتية اسم جمع لا جمع تكسير. وإلى كون مثل الفتية جمع تكسير من جموع القلة - أشار ابن مالك في الخلاصة بقوله:

أفعلة افعل ثم فعله كذاك أفعال جموع قله

والتهيئة: التقريب والتيسير: أي يسر لنا وقرب لنا من أمرنا رشداً. والرشد: الاهتداء والديمومة عليه. و { من } في قوله { من أمرنا } فيها وجهان: أحدهما - أنها هنا للتجريد، وعليه فالمعنى: اجعل لنا أمرنا رشداً كله. كما تقول: لقيت من زيد أسداً. ومن عمرو بحراً.
والثاني أنها للتبعيض. وعليه فالمعنى: واجعل لنا بعض أمرنا. أي وهو البعض الذي نحن فيه من مفارقة الكفار رشداً حتى نكون بسببه راشدين مهتدين.