ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة - أنه ضرب على آذان أصحاب الكهف سنين عدداً. ولم يبين قدر هذا العدد هنا، ولكنه بينه في موضع آخر. وهو قوله: { وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } [الكهف: 25].
وضربه جل وعلا على آذانهم في هذه الآية كناية عن كونه أنامهم ومفعول "ضربنا" محذوف، أي ضربنا على آذانهم حجاباً مانعاً من السماع فلا يسمعون شيئاً يوقظهم. والمعنى: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات.
وقوله { سنين عدداً } على حذف مضاف. أي ذات عدد، أو مصدر بمعنى اسم المفعول، أي سنين معدودة. وقد ذكرنا الآية المبينة لقدر عددها بالسنة القمرية والشمسية، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: { وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً }.
وقال أبو حيان في البحر في قوله { فضربنا على آذانهم } عبر بالضرب ليدل على قوة المباشرة واللصوق واللزوم، ومنه { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } [آل عمران: 112] وضرب الجزية وضرب البعث. وقال الفرزدق:
ضرب عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل
وقال الأسود بن يعفر:
ومن الحوادث لا أبالك أنني ضربت على الأرض بالأسداد
وقال الآخر:
إن المروءة والسماحة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج
وذكر الجارحة التي هي الآذان، إذ هي يكون منها السمع، لأنه لا يستحكم نوم إلا مع تعطل السمع. وفي الحديث: "ذلك رجل بال الشيطان في أذنه" أي استثقل نومه جداً لا يقوم بالليل اهـ كلام أبي حيان.