خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
٢٨٦
-البقرة

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا }.
لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا؟ وأشار إلى أَنه أجابه بقوله في الخطأ:
{ { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } [الأحزاب: 5] الآية. وأشار إلى أنه اجابه في النسيان بقوله: { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [الأنعام: 68] فإنه ظاهر في أنه قبل الذكرى لا إثم عليه في ذلك ولا يقدح في هذا أن آية { { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ } مكية وآية { لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ } مدنية إذ لا مانع من بيان المدني بالمكي كعكسه.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا } قال الله تعالى نعم.
قوله تعالى: { رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا }.
لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا؟ ولم يبين الإصر الذي كان محمولاً على من قبلنا، وبين أنه أجاب دعاءهم هذا في مواضع أخر كقوله:
{ { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [الأعراف: 157] وقوله: { { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة: 286] وقوله: { { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78] وقوله: { { يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ } [البقرة: 185] الآية. إلى غير ذلك من الآيات. وأشار إلى بعض الإصر الذي حمل على من قبلنا بقوله: { { فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [البقرة: 54]. لأن اشتراط قتل النفس في قبول التوبة من أعظم الإصر، والإصر الثقل في التكليف ومنه قول النابغة:

يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرفوا