خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ
٧
-البقرة

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } الآية -
لا يخفى أن الواو في قوله: { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ } محتملة في الحرفين أن تكون عاطفة على ما قبلها، وأن تكون استئنافية. ولم يبين ذلك هنا، ولكن بين في موضع آخر أن قوله: { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } معطوف على قوله: { عَلَىٰ قُلُوبِهمْ } وأن قوله: { وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ } استئناف، والجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو { غِشَاوَةٌ } وسوغ الابتداء بالنكرة فيه اعتمادها على الجار والمجرور قبلها. ولذلك يجب تقديم هذا الخبر، لأنه هو الذي سوغ الابتداء بالمبتدأ كما عقده في الخلاصة بقوله:

ونحو عندي درهم ولي وطر ملتزم فيه تقدُّم الخبر

فتحصل أن الختم على القلوب والأسماع، وأن الغشاوة على الأبصار، وذلك في قوله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً } [الجاثية: 23]. والختم: الاستيثاق من الشيء حتى لا يخرج منه داخل فيه ولا يدخل فيه خارج عنه، والغشاوة: الغطاء على العين يمنعها من الرؤية، ومنه قول الحارث بن خالد بن العاص:

هويتك إذ عيني عليها غشاوة فلما انجلت قطعت نفسي ألومها

وعلى قراءة من نصب "غشاوة" فهي منصوبة بفعل محذوف أي وجعل على أبصارهم غشاوة كما في سورة الجاثية، وهو كقوله:

علفتها تبناً وماءاً بارداً حتى شتت همالة عيناها

وقول الآخر:

ورأيت زوجك في الوغى متقلداً سيفاً ورمحا

وقول الآخر:

إذا ما الغانيات برزن يوماً وزججن الحواجب والعيونا

كما هو معروف في النحو. وأجاز بعضهم كونه معطوفاً على محل المجرور، فإن قيل: قد يكون الطبع على الأبصار أيضاً، كما في قوله تعالى في سورة النحل: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } [النحل: 108] الآية. فالجواب: أن الطبع على الأبصار المذكور في آية النحل: هو الغشاوة المذكورة في سورة البقرة والجاثية، والعلم عند الله تعالى.