خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢١
-النور

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.
بين جل وعلا في هذه الآية، أنه لولا فضله ورحمته، ما زكا أحد من خلقه ولكنه بفضله ورحمته يزكي من يشاء تزكيته من خلقه.
ويفهم من الآية أنه لا يمكن أحداً أن يزكي نفسه بحال من الأحوال، وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء مبيناً في غير هذا الموضع كقوله تعالى:
{ { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ } [النساء: 49] الآية. وقوله تعالى: { { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } [النجم: 32].
والزكاة في هذه الآية: هي الطهارة من أنجاس الشرك، والمعاصي.
وقوله: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآء } أي يطهره من أدناس الكفر والمعاصي بتوفيقه وهدايته إلى الإيمان والتوبة النصوح، والأعمال الصالحة.
وهذا الذي دلت عليه هذه الآية المذكورة لا يعارضه قوله تعالى:
{ { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا } [الشمس: 9] ولا قوله: { { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } } [الأعلى: 14] على القول بأن معنى تزكى تطهر من أدناس الكفر والمعاصي، لا على أن المراد بها خصوص زكاة الفطر، ووجه ذلك في قوله: من زكاها أنه لا يزكيها إلا بتوفيق الله وهدايته إياه للعمل الصالح، وقبوله منه.
وكذلك الأمل في قوله:
{ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } [الأعلى: 14] كما لا يخفى.
والأظهر أن قوله: { مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ } الآية: جواب لولا التي تليه، خلافاً لمن زعم أنه جواب لولا في قوله:
{ { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [النور: 20] وقد تكرر في الآيات التي قبل هذه الآية حذف جواب لولا، لدلالة القرائن عليه.