خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً
٢٥
-الفرقان

أضواء البيان في تفسير القرآن

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن السماء تتشقق يوم القيامة بالغمام، وأن الملائكة تنزل تنزيلاً. وقال القرطبي: تتشقق السماء بالغمام أي عن الغمام. قال: والباء وعن يتعاقبان كقولك: رميت بالقوس، وعن القاموس انتهى. ويستأنس لمعنى عن بقوله تعالى: { { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } [ق: 44] الآية.
وهذه الأمور الثلاثة المذكورة في هذه الآية الكريمة من تشقق السماء يوم القيامة ووجود الغمام، وتنزيل الملائكة كلها جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أما تشقق السماء يوم القيامة فقد بينه جل وعلا في آيات كثيرة من كتابه كقوله تعالى:
{ { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } [الرحمن: 37] وقوله تعالى: { { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } [الحاقة: 15ـ16] وقوله: { { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [الانشقاق: 1] الآية وقوله تعالى: { { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } [المرسلات: 8ـ9] الآية فقوله: فرجت: أي شقت، فكان فيها فروج أي شقوق كقوله: { { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } [الإنفطار: 1] وقوله تعالى: { { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } [النبّأ: 19] وأما الغمام ونزول الملائكة، فقد ذكرهما معاً في قوله تعالى: { { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } [البقرة: 210] الآية. وقد ذكر جل وعلا نزول الملائكة في آيات أخرى كقوله: { { وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } [الفجر: 22] وقوله تعالى: { { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } [الأنعام: 158] الآية وقوله تعالى: { { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } [الحجر: 8].
قال الزمخشري: والمعنى: أن السماء تنفتح بغمام يخرج منها، وفي الغمام الملائكة ينزلون، وفي أيديهم صحف أعمال العباد. انتهى منه.
وقرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر تشقق بتشديد الشين، والباقون بتخفيفها بحذف إحدى التاءين، وقرأ ابن كثير: وننزل الملائكة بنونين الأولى مضمومة، والثانية ساكنة مع تخفيف الزاي، وضم اللام، مضارع أنزل، والملائكة بالنصب مفعول به، والباقون بنون واحدة وكسر الزاي المشددة ماضياً مبنياً للمفعول، والملائكة مرفوعاً نائب فاعل نزل، والأظهر أن يوم منصوب باذكر مقدراً، كما قاله القرطبي، والعلم عند الله تعالى.