خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ
٨٥
-النمل

أضواء البيان في تفسير القرآن

الظاهر أن القول الذي وقع عليهم هو كلمة العذاب، كما يوضحه قوله تعالى: { { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [السجدة: 13] ونحو ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ }، ظاهره أن الكفار لا ينطقون يوم القيامة، كما يفهم ذلك من قوله تعالى:
{ { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 35ـ36] وقوله تعالى: { { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً } [الإسراء: 97] الآية، مع أنه بينت آيات أخر من كتاب الله أنهم ينطقون يوم القيامة، ويعتذرون، كقوله تعالى عنهم: { { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23] وقوله تعالى عنهم: { { فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ } [النحل: 28] وقوله: { { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } [السجدة: 12] الآية. وقوله تعالى عنهم: { { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } [المؤمنون: 106ـ107] وقوله تعالى: { { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ } [الزخرف: 77] الآية إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كلامهم يوم القيامة.
وقد بينا الجواب عن هذا في كتابنا [دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب] في سورة المرسلات في الكلام على قوله تعالى:
{ { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [المرسلات: 35] وما ذكرنا من الآيات، فذكرنا أن من أوجه الجواب عن ذلك، أن القيامة مواطن، ففي بعضها ينطقون، وفي بعضها لا ينطقون، فإثبات النطق لهم ونفيه عنهم كلاهما منزل على حال ووقت غير حال الآخر ووقته. ومنها أن نطقهم المثبت لهم خاص بما لا فائدة لهم فيه، والنطق المنفي عنهم: خاص بما لهم فيه فائدة ومنها غير ذلك، وقد ذكرنا شيئاً من أجوبة ذلك في الفرقان، طه والإسراء.