خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ
٢٧
-سبأ

أضواء البيان في تفسير القرآن

أمر الله جل وعلا نبيه في هذه الآية الكريمة أن يقول لعبدة الأوثان: أروني أوثانكم التي ألحقتموها بالله شركاء له في عبادته، كُفراً منكم، وشِركاً وافتراء. وقوله: أروني الذين ألحقتم به شركاء، لأنهم إن أروه إياها تبيّن برؤيتها أنها جماد لا ينفع ولا يضر، واتَّضح بعدها عن صفات الألوهية. فظهر لكل عاقل برؤيتها بطلان عبادة ما لا ينفع ولا يضرّ، فإحضارها والكلام فيها، وهي مشاهدة أبلغ من الكلام فيها غائبة، مع أنه صلى الله عليه وسلم يعرفها، وكما أنه في هذه الآية الكريمة أمرهم. أن يروه إياها ليتبيّن بذلك بطلان عبادتها، فقد أمرهم في آيات أخرى أن يسمّوها بأسمائها لأنّ تسميتها بأسمائها يظهر بها بعدها عن صفات الألوهية، وبطلان عبادتها لأنها أسماء إناث حقيرة كاللاّت والعزّى، ومناة الثالثة الأخرى، كما قال تعالى: { { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً } [النساء: 117] الآية، وذلك في قوله تعالى: { { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الرعد: 33].
والأظهر في قوله: { أَرُونِيَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ } في هذه الآية: هو ما ذكرنا من أن الرؤية بصرية وعليه فقوله: شركاء حال، وقال بعض أهل العلم: إنها من رأى العلمية، وعليه فشركاء مفعول ثالث لأروني. قال القرطبي: يكون أروني هنا من رؤية القلب فيكون شركاء مفعولاً ثالثاً أي عرِّفوني الأصنام والأوثان التي جعلتموها شركاء لله عزَّ وجلَّ، وهل شاركت في خلق شيء، فبيّنوا ما هو وإلا فلم تعبدونها ا هـ محل الغرض منه. واختار هذا أبو حيان في البحر المحيط. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { كَلاّ } رَدْع لهم، وَزجْر عن إلحاق الشركاء به. وقوله: { بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ } أي والمتصف بذلك هو المستحق للعبادة، وقد قدمنا معنى العزيز الحكيم بشواهده مراراً.