قوله تعالى: { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ } الآية.
أوضح جل وعلا، أن الذي في هذه الآية بمعنى الذين، بدليل قوله بعده { { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ } [الزمر: 33ـ34].
وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن الذي تأتي بمعنى الذين، في القرآن وفي كلام العرب، فمن أمثلة ذلك في القرآن، قوله تعالى في آية الزمر هذه: { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ } الآية. وقوله تعالى في سورة البقرة { { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } [البقرة: 17] أي الذين استوقدوا بدليل قوله بعده: { { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } [البقرة: 17] وقوله فيها أيضاً { { كَٱلَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ ٱلنَّاس } [البقرة: 264] أي كالذين ينفقون بدليل قوله بعده { { لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ } [البقرة: 264] الآية. وقوله تعالى في التوبة { { وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } [التوبة: 69] على القول بأن الذي موصولة لا مصدرية، ونظيره من كلام العرب قول أشهب بن رميلة:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد
وقول عديل بن الفرخ العجلي:
فبت أساقي القوم إخوتي الذي غوايتهم غيٌّ ورشدهم رشد
وقول الراجز:
يا رب عبس لا تبارك في أحد في قائم منهم ولا فيمن قعد
إلا الذي قاموا بأطراف المسد