خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
١٢٩
-النساء

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ }
هذا العدل الذي ذكر تعالى هنا أنه لا يستطاع هو العدل في المحبة، والميل الطبيعي. لأنه ليس تحت قدرة البشر بخلاف العدل في الحقوق الشرعية فإنه مستطاع، وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله:
{ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } [النساء: 3]. أي: تجوروا في الحقوق الشرعية، والعرب تقول: عال يعول إذا جار ومال، وهو عائل، ومنه قول أبي طالب:

بميزان قسط لا يخيس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل

أي: غير مائل ولا جائر، ومنه قول الآخر:

قالوا تبعنا رسول الله واطرحوا قول الرسول وعالوا في الموازين

أي: جاروا، وقول الآخر:

ثلاثة أنفس وثلاث ذود لقد عال الزمان على عيالي

أي: جار ومال. أما قول أحيحة بن الجلاح الأنصاري:

وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل

وقول جرير:

الله نزل في الكتاب فريضة لابن السبيل وللفقير العائل

وقوله تعالى: { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } [الضحى: 8] فكل ذلك من العيلة، وهي الفقر. ومنه قوله تعالى: { { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } [التوبة: 28] الآية. فعال التي بمعنى جار واوية العين، والتي بمعنى افتقر يائية العين.
وقال الشافعي -رحمه الله - معنى قوله:
{ { أَلاَّ تَعُولُواْ } [النساء: 3]. أي: يكثر عيالكم من عال الرجل يعول إذا كثر عياله، وقول بعضهم: إن هذا لا يصح وإن المسموع أعال الرجل بصيغة الرباعي على وزن أفعل فهو معيل إذا كثر عياله فلا وجه له. لأن الشافعي من أدرى الناس باللغة العربية. ولأن عال بمعنى كثر عياله لغة حمير، ومنه قول الشاعر:

وأن الموت يأخذ كل حي بلا شك وإن أمشى وعالا

يعني: وإن كثرت ماشيته وعياله، وقرأ الآية طلحة بن مصرف ألا تعيلوا بضم التاء من أعال إذا كثر عياله على اللغة المشهورة.