خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
٢٥٠
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ
٢٥١
تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٢٥٢
-البقرة

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

قوله: { بَرَزُواْ } أى صاروا إلى إبراز الأرض وهو ما انكشف منها بحيث يصير كل فريق من المتقاتلين يرى صاحبه، ومنه سميت المبارزة فى الحرب لظهور كل قرن إلى قرنه. أى: وحين برز طالوت ومن معه لقتال جالوت وجنوده، وأصبح الفريقان فى مكان متسع من الأرض بحيث يرى كل فريق خصمه اتجه المؤمنون إلى الله - تعالى - بالدعاء قائلين بإخلاص وخشوع:
{ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } أى: أفض علينا صبرا يعمنا، ويملأ قلوبنا ثقة بنصرك، ويحبس نفوسنا على طاعتك.
قال الإِمام الرازى ما ملخصه، الإِفراغ: الصب. يقال أفرغت الإِناء إذا صببت ما فيه. وقولهم هذا يدل على المبالغة فى طلب الصبر من وجهين:
أحدهما: أنه إذا صب الشىء فى الشىء فقد أثبت فيه بحيث لا يزول عنه وهذا يدل على التأكيد.
والثانى: "أن افراغ الإِناء هو إخلاؤه وذلك يكون بصب كل ما فيه، فمعنى أفرغ علينا صبرا، أى أصبب علينا أتم صب وأبلغه - حتى تتحقق فينا صفة الصبر كأحسن ما يكون التحقق".
أما الدعوة الثانية فقد قالوا فيها - كما حكى القرآن عنهم - { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } أى هب لنا من كمال القوة والرسوخ عند القتال ما يجعلنا نثبت أمام أعدائنا، ونتمكن من رقابهم دون أن يتمكنوا منا. فهذا الدعاء كناية عن أن يمنحهم - سبحانه - الثبات عند الزحف، وعدم الفرار عند القتال.
وفى قوله: { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } تعبير بالجزء عن الكل، لأن الأقدام هى التى يكون بها الفرار، فتثبيتها إبعاد عن الفرار، ومتى حصل الثبات كان النصر متوقعاً، والصبر متحققاً.
ثم ختموا دعاءهم بأن قالوا: { وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } أى اجعل الغلبة لنا عليهم، لأننا مؤمنون بأنك المعبود المستحق للعبادة وهم يكفرون بذلك.
والمتأمل فى هذه الدعوات الثلاث يراها قد جمعت أسمى ألوان الأدب وحسن الترتيب، فهم قد صدروا دعاءهم بالتوسل بوصف الربوبية فقالوا { رَبَّنَآ } أى يا خالقنا ويا منشئنا ويا مربينا ويا مميتنا، وفى ذلك إشعار أنهم يلجأون إلى من بيده وحده النفع والضر، والنصر والهزيمة. ثم افتتحوا دعاءهم بطلب الصبر عند المخاوف لأنه هو عدة القتال الأولى، وركنه الأعلى، إذ به يكون ضبط النفس فلا تفزع، وبه يسكن القلب فلا يجزع. ثم التمسوا منه - سبحانه - أن يثبت أقدامهم عند اللقاء لأن هذا الثبات هو مظهر الصبر، ووسيلة النصر، وعنوان القوة. ثم ختموا دعاءهم بما هو ثمرة ونتيجة للصبر والثبات وهو النصر على الأعداء.
فماذا كانت نتيجة هذا الدعاء الخاشع الخالص؟ كانت نتيجته النصر المؤزر الذى حكاه القرآن فى قوله: { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ }.
وأصل الهزم فى اللغة الكسر. ومنه سقاء منهزم أى انثنى بعضه على بعض مع الجفاف. ويقال للسحاب هزيم، لأنه يتشقق بالمطر. والفاء هنا فصيحة أو سببية أى أنهم بسبب دعائهم المخلص، وإيمانهم القوى، واستجابتهم لما أمرهم الله به، استطاعوا أن يكسروا أعداءهم ويهزموهم، وقوله، { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أى بتوفيقه وتيسيره وتأييده. والباء إما للاستعانة والسببية وإما للمصاحبة. ثم قال - تعالى -: { وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ } أى: وقتل داود بن إيشا - وكان فى جيش طالوت - جالوت الذى كان يقود جيش الكفر، وبقتله مزق أتباعه شر ممزق، ورزق الله طالوت ومن معه النصر والغلبة.
ثم بين - سبحانه - ما منحه لداود من نعم فقال: { وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ } والحكمة المراد بها هنا النبوة، ولم يجتمع الملك والنبوة لأحد قبله فى بنى إسرائيل، وورثه فيهما ابنه سليمان - عليه السلام -.
أى: وأعطى الله - تعالى - عبده داود ملك بنى إسرائيل وأعطاه النبوة التى هى أشرف من الملك زيادة فى ترقيته فى درجات الشرف والكمال، وعلمه - سبحانه - مما يشاء من فنون العلم، ومن أمور الدين والدنيا كمعرفته لغة الطيور، وكلام الدواب، وصناعة آلات الحرب وغير ذلك من ألوان العلوم المختلفة التى لا تحدها إلا مشيئة الله وإرادته.
وفى قوله - تعالى -: { وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ } بعد الإِخبار بأنه - سبحانه - آتى داود الحكمة، إشعار بأن الإِنسان لا يستغنى عن التعلم سواء أكان نبيا أم لم يكن، لأن داود - عليه السلام - مع حصوله على النبوة لم يستغن عن تعليم الله إياه، وقد أمر الله - تعالى - نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يلتمس المزيد من العلم فقال:
{ { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } }. ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر فضله على عباده فقال: { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ }.
أى: ولولا أن الله - تعالى - يدفع أهل الباطل بأهل الحق، لفسدت الأرض، وعمها الخراب لأن أهل الفساد إذا تركوا من غير أن يقاوموا استطارت شرورهم، وتغلبوا على أهل الصلاح والاستقامة، وتعطلت مصالح الناس، وانتشر الفساد فى الأرض.
فلولا فى الجملة الكريمة حرف امتناع لوجود. أى: امتنع فساد الأرض لأجل وجود دفع الناس بعضهم ببعض.
فالجملة الكريمة تأمر الأخيار فى كل زمان ومكان أن يقفوا فى وجوه الأشرار، وأن يقاوموهم بكل وسيلة من شأنها أن تحول بينهم وبين الفساد والطغيان.
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }.
أى: ولكن الله - تعالى - صاحب فضل عظيم، وإنعام كبير على الناس أجمعين، لأنه وضع لهم هذا التنظيم الحكيم الذى أوجب فيه على المصلحين أن يدافعوا المفسدين، وأن يقاوموهم بالطريقة التى تمنع فسادهم حتى ولو أدى ذلك إلى رفع السلاح فى وجوههم، لأن السكوت عن فساد المفسدين سيؤدى إلى العقاب الذى يعمهم ويصيب معهم المصلحين.
ثم ختم - سبحانه - قصة هؤلاء القوم من بنى إسرائيل بقوله: { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }.
أى: تلك الآيات التى حدثناك فيها عن قصة أولئك القوم وما جرى لهم هى آيات الله التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، نتلوها عليك يا محمد عن طريق جبريل الأمين تلاوة ملتبسة بالحق الثابت الذى لا يحوم حوله الباطل، وإنك يا محمد { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } الذين أرسلهم الله - تعالى -
{ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } فالإِشارة فى قوله { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ } إلى الآيات المتلوة من قوله - تعالى -: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } إلى آخر القصة. وقيل إليها وإلى القصة التى قبلها وهى قصة القوم { ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ } وكانت الإِشارة للبعيد، لما فى ذلك من معنى الاستقصاء للآيات، ولعلو شأنها، وكمال معانيها، والوفاء فى مقاصدها.
وأضيفت الآيات إلى الله لأنها جزء من هذا القرآن الذى أنزله - سبحانه - على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليكون هداية للناس، وليحملهم على تدبرها والاعتبار بها لأنها من عند الله الذى شرع لهم ما يسعدهم.
وجعل - سبحانه - تلاوة جبريل للقرآن تلاوة له فقال: { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ } للإِشعار بشرف جبريل، وأنه ما خرج فى تلاوته عما أمره الله به، فهو رسوله الأمين إلى رسله المكرمين.
وجملة { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ } فى محل نصب حال من الآيات والعامل فيها معنى الإِشارة.
وقوله: { بِٱلْحَقِّ } فى موضع نصب حال من مفعول نتلوها أى ملتبسة باليقين الذى لا يرتاب فيه عاقل. أو من فاعله أى: نتلوها عليك ملتبسين بالحق والصواب.
وأكد - سبحانه - قوله { وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } بحرف "إن" وباللام فى "لمن" وبالجملة الاسمية، للرد على من شكك فى صدق رسالته صلى الله عليه وسلم ولتسليته عما يقوله الجاحدون فى شأنه.
وبعد: فهذه قصة الملأ من بنى إسرائيل من بعد موسى، وإن فيها لعبرا متعددة، وعظات متنوعة لقوم يعقلون. من العبر التى تؤخذ منها:
1 - أن الشعور بالظلم والهوان، والابتلاء بالمحن والهزائم، والوقوع تحت أيدى المعتدى، كل ذلك من شأنه أن يصهر النفوس الحرة الكريمة، وأن يدفعها بقوة إلى الذود عن كرامتها المسلوبة، وعزتها المغصوبة، حتى تنال حقها ممن سلبه منها أو تموت دونه، لأن النفوس الأبية تشعر دائماً بأن الموت مع العزة خير من الحياة مع الذلة. يدل على ذلك قوله - تعالى -:
{ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا } 2 - أن الناس فى كل زمان ومكان، يلجأون - خصوصاً عندما تنزل بهم الشدائد إلى من يتوسمون فيهم الخير والصلاح، لكى يرشدوهم إلى ما يأخذ بيدهم إلى طريق السعادة، ولكى يهدوهم إلى أفضل السبل التى تنقذهم مما هم فيه من بلاء، ولكى يختاروا لهم من يقودهم إلى النصر والفلاح. ألا ترى إلى الملأ من بنى إسرائيل كيف لجأوا إلى نبى لهم ليقولوا له بعد أن أصابهم من الذل ما أصابهم: { ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فى سَبِيلِ ٱللَّهِ } إنهم لم يلجأوا إلى زعيم من زعمائهم، أو إلى أمير من امرائهم، وإنما لجأوا إلى نبيهم يبثون إليه شكواهم، ويطلبون منه أن يختار لهم من يقودهم للقتال فى سبيل الله، لأنهم يرون فيه الأمل المرتجى، والعقل السليم، والخلق القويم، والأسوة الحسنة.
3 - أن القائد يجب ن تتوفر فيه صفتان: قوة العقل، وقوة الجسم لأنه متى توفرت فيه هاتان الصفتان استطاع أن يقود أتباعه بنجاح، وأنه قبل أن يلتقى بأعدائه يجب عليه أن يختبر جنده ليعرف مبلغ إيمانهم وقوتهم وطاعتهم وثباتهم وألا يكلفهم بما لا يستطيعونه حتى يحارب أعداءه وهو على بينة من أمره. انظر إلى طالوت كيف اختبر جنده قبل أن يخوض المعركة بأن قال لهم:
{ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّيۤ إِلاَّ مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } وهكذا القود العقلاء يقدمون على حرب أعدائهم وهم على بصيرة من أمرهم.
4 - إن الفئة القليلة المؤمنة كثيراً ما تنتصر على الفئة الكثيرة الكافرة؛ لأن المؤمنين الصادقين يحملهم إيمانهم على اليقين بلقاء الله، وعلى التضحية من أجل إعلاء كلمته، وعلى الإِقدام الذى يرعب الكافرين، ويخيف الفاسقين، وصدق الله إذ يقول
{ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } 5 - أن هزائم الأمم يمكن إزالتها متى توفر لتلك الأمم القادة العقلاء الأقوياء، والجند الأشداء على أعدائهم، الرحماء فيما بينهم، وأن من شأن المؤمنين حقا أنهم مع مباشرتهم للأسباب، وإحكامهم لكل ما يحتاج إليه القتال، وإحسانهم لكل وسيلة تعينهم على النصر، مع كل ذلك لا يغترون ولا يتطاولون بل يعتمدون على - تعالى - اعتماداً تاماً، ويتجهون إليه بالضراعة والدعاء ويلتمسون منه النصر على أعدائه وأعدائهم انظر إلى الصفوة المؤمنة من جند طالوت ماذا قالت عندما برزت لجالوت وجنوده، لقد قالت كما حكى القرآن عنها: { قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ }.
6 - أن من سنن الله فى خلقه أنه - سبحانه - جعل الحياة صراعاً دائماً بين الحق والباطل، ونزاعاً موصولا بين الأخيار والأشرار، ولولا أن الله - تعالى - يدفع بعض الناس الفاسقين ببعض الناس الصالحين لفسدت الأرض، لأن الفاسقين لو تركوا من غير أن يدافعوا ويقاوموا لنشروا فسوقهم وفجورهم وطغيانهم فى الأرض، ولكنه - سبحانه - أعطى لعباده الصالحين من القوة والثبات ما جعلهم يقاومون الظالمين ويعملون على نشر الخير والصلاح بين الناس.
7 - أن القصة الكريمة تصور لنا ما جبل عليه بنو إسرائيل من نقض للعهد وكذب فى القول
{ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } ومن تطاول على أنبيائهم، وعصيان لأوامرهم، واعتراض على توجيهاتهم، وتفضيل للجاه والمال على العقل والعلم { قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ } ومن خور عند الابتلاء والاختبار، وحماس فى ساعة السلم ونكوص فى ساعة الجد، تأمل قوله - تعالى - { فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ } وبعد هذا الحديث الحكيم عن الملإِ من بنى إسرائيل من بعد موسى. وبعد أن شهد الله - تعالى - لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من المرسلين الذين أرسلوا لينصروا الحق، وليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، بعد كل ذلك بين الله - تعالى أن الرسل وإن كانوا قد بعثوا جميعاً لهداية البشر إلا أنهم يتفاضلون فيما بينهم فقال - تعالى -:
{ تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا.... }.