خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ
٤٨
ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
٤٩
وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٥٠
-الأنبياء

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

والمراد بالفرقان وبالضياء وبالذكر: التوراة، فيكون الكلام من عطف الصفات. والمعنى: ولقد أعطينا موسى وهارون - عليهما السلام - كتاب التوراة ليكون فارقا بين الحق والباطل، وليكون - أيضا - ضياء يستضىء به أتباعه من ظلمات الكفر والضلالة، وليكون ذكراً حسناً لهم، وموعظة يتعظون بما اشتمل عليه من آداب وأحكام.
قال الآلوسى: "قوله - سبحانه -: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً.. }.
نوع تفصيلى لما أجمل فى قوله - تعالى - قبل ذلك:
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } وتصديره بالتوكيد القسمى لإظهار كمال الاعتناء بمضمونه.
والمراد بالفرقان: التوراة، وكذا بالضياء والذكر. والعطف كما فى قوله:

إلى الملك القرم وابن الهماموليث الكتيبة فى المزدحم

وقيل: الفرقان هنا: النصر على الأعداء.. والضياء التوراة أو الشريعة. وعن الضحاك: أن الفرقان فرق البحر...
وخص المتقين بالذكر، لأنهم هم الذين انتفعوا بما اشتمل عليه هذا الكتاب من هدايات.
وقوله - تعالى -: { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ.. } صفة مدح للمتقين.
أى: آتينا موسى وهارون الكتاب الجامع لصفات الخير ليكون هداية للمتقين، الذين من صفاتهم أنهم يخافون ربهم وهو غير مرئى لهم، ويخشون عذابه فى السر والعلانية { وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } أى: وهم من الساعة وما يقع فيها من حساب دقيق خائفون وجلون وليسوا كأولئك الكافرين الجاحدين الذين يستعجلون حدوثها.
وخصت الساعة بالذكر مع أنها داخلة فى الإِيمان بالغيب، للعناية بشأنها حيث إنها من أعظم المخلوقات، وللردّ على من أنكرها واستعجل قيامها.
واسم الإِشارة فى قوله: { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ } للقرآن الكريم، أى: وهذا القرآن الذى أنزلناه على عبدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو ذكر وشرف لكم، وهو كذلك كثير الخيرات والبركات لمن اتبع توجيهاته.
والاستفهام فى قوله: { أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } للتوبيخ والإِنكار، والخطاب للمشركين.
أى: كيف تنكرون كونه من عند الله مع أنكم بمقتضى فصاحتكم تدركون من بلاغته، مالا يدركه غيركم، ومع أنكم تعترفون بنزول التوراة على موسى وهارون.
إن إنكاركم لكون القرآن من عند الله، لهو دليل واضح على جحودكم للحق بعد أن تبين لكم.
قال الجمل: وتقديم الجار والمجرور على المتعلق، دل على التخصيص، أى: أفأنتم للقرآن خاصة دون كتاب اليهود تنكرون؟ فإنهم كانوا يراجعون اليهود فيما عنَّ لهم من المشكلات.
ثم تسوق السورة بعد ذلك بشىء من التفصيل قصة إبراهيم - عليه السلام - مع قومه، وما دار بينه وبينهم من محاورات ومحاولات فتقول: { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ... }.