وزكريا هو ابن آزن بن بركيا، ويتصل نسبه بسليمان - عليه السلام -، وكان عيسى قريب العهد به، حيث كفل زكريا مريم أم عيسى.
أى: واذكر - أيها المخاطب - حال زكريا - عليه السلام - وقت أن نادى ربه وتضرع إليه فقال: يا رب لا تتركنى فردا أى: وحيداً بدون ذرية { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } أى: وأنت خير حى باق بعد كل الأموات.
فكانت نتيجة هذا الدعاء الخالص أن أجاب الله لزكريا دعاءه فقال: { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } أى دعاءه وتضرعه.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ } بفضلنا وإحساننا ابنه { يَحْيَىٰ } - عليهما السلام -.
{ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } بأن جعلناها تلد بعد أن كانت عقيما تكريما له ورحمة به.
وقوله: { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } تعليل لهذا العطاء الذى منحه - سبحانه - لأنبيائه - عليهم الصلاة والسلام - والضمير فى "إنهم" يعود للأنبياء السابقين. وقيل: يعود إلى زكريا وزوجه ويحيى.
أى: لقد أعطيناهم من ألوان النعم، لأنهم كانوا يبادرون فى فعل الخيرات التى ترضينا، ويجتهدون فى أداء كل قول أو عمل أمرناهم به.
{ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً } أى: ويجأرون إلينا بالدعاء، راغبين فى آلائنا ونعمنا وراهبين خائفين من عذابنا ونقمنا.
فقوله { رَغَباً وَرَهَباً } مصدران بمعنى اسم الفاعل، منصوبان على الحال، وفعلهما من باب "طرب" { وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ } أى: مخبتين متضرعين لا متكبرين ولا متجبرين.
وبهذه الصفات الحميدة، استحق هؤلاء الأخيار أن ينالوا خيرنا وعطاءنا ورضانا.
ثم ختم - سبحانه - الحديث عن هؤلاء الأنبياء الكرام، بذكر جانب من قصة مريم وابنها عيسى فقال: { وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ... }.