أى: "وهو" الله - تعالى - وحده، "الذى أنشأ لكم" أيها الناس بفضله ورحمته "السمع" الذى تسمعون به "والأبصار" التى تبصرون بها "والأفئدة" التى بواسطتها تفهمون وتدركون...
ولو تدبر الإنسان هذه النعم حق التدبر: لاهتدى إلى الحق. ولآمن بأن الخالق لهذه الحواس وغيرها. هو الله الواحد القهار.
ولكن الإنسان - إلا من عصم الله - قليل الشكر لله - تعالى - ولذا قال - سبحانه -: {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} أى: شكراً قليلاً ما تشكرون هذه النعم الجليلة، بدليل أن أكثر الناس فى هذه الحياة، كافرون بوحدانية الله - تعالى -.
فلفظ "قليلاً" صفة لموصوف محذوف، و "ما" لتأكيد هذه القلة وتقريرها.
وقوله - سبحانه -: {وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} بيان لنعمة أخرى من نعمه التى لا تحصى.
أى: وهو - سبحانه - الذى أوجدكم من الأرض، ونشركم فيها عن طريق التناسل، وإليه وحده تجمعون يوم القيامة للحساب.
ثم ذكر ما يدل على كمال قدرته فقال: {وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} بدون أن يشاركه فى ذلك مشارك، {وَلَهُ} وحده التأثير فى اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وزيادة أحدهما ونقص الآخر، {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} وتدركون ما فى هذا كله من دلائل واضحة على وحدانية الله - تعالى - وقدرته؟
ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك أن هؤلاء المشركين، لم يقابلوا نعم الله - تعالى - عليهم بالشكر، وإنما قابلوها بالجحود وبإنكار البعث والحساب، وأمر - سبحانه - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم فقال - تعالى -: {بَلْ قَالُواْ...}.