خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٩١
-يونس

خواطر محمد متولي الشعراوي

وهذا يعني: أتقول إنك آمنت الآن وإنك من المسلمين. إن قولك هذا مردود؛ لأنه جاء في غير وقته، فهناك فرق بين إيمان الإجْبار وإيمان الاختيار، أتقول الآن آمنت وأنت قد عصيت من قبل، وكنت تفسد في الأرض.
وكان من الممكن أن يقبل الله سبحانه منه إيمانه وهو في نجوة بعيدة عن الشر الذي حاق به.
فالحق سبحانه لا يقبل إيمان أحد بلغت روحه الحلقوم، فهذا إيمان إجبار، لا إيمان اختيار.
ولو كان المطلوب إيمان الإجبار لأجبر الحق سبحانه الخلق كلهم على أن يؤمنوا، ولما استطاع أحد أن يكفر بالله تعالى، وأمامنا الكون كله خاضع لإمرة الله - سبحانه وتعالى - ولا يتأبى فيه أحد على الله تعالى.
وقدرة الحق - عز وجل - المطلقة قادرة على إجبار البشر على الإيمان، لكنها تثبت طلاقة القدرة، ولا تثبت المحبوبية للمعبود.
وهذه المحبوبية للمعبود لا تثبت إلا إذا كان لك خيار في أن تؤمن أو لا تؤمن. والله سبحانه يريد إيمان الاختيار.
إذن: فالمردود من فرعون ليس القول، ولكن زمن القول.
ويقال: إنها رُدَّتْ ولم تُقبل - رغم أنه قالها ثلاث مرات - لأن قوم موسى في ذلك الوقت كانوا قد دخلوا في مرحلة التجسيم لذات الله وادعوا - معاذ الله - أن الله - تعالى الله عما يقولون - جلس على صخرة وأنزل رِجْليه في حوض ماء، وكان يلعب مع الحوت.. إلى آخر الخرافات التي ابتدعها بنو إسرائيل.
وحين أعلن فرعون أنه آمن بالإله الذي آمنت به بنو إسرائيل، فهذا يعني أنه لم يؤمن بالإله الحق سبحانه.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك:
{ فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ... }.