خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً
٥٩
-الكهف

خواطر محمد متولي الشعراوي

تلك: أداة إشارة لمؤنث هي القرى، والكاف للخطاب، والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمتُه مُنْضوية في خطابه؛ لأن خطابَ الرسول خطاب لأمته. لكن الإشارة لا تكون إلا لشيء معلوم موجود مُحَسٍّ، كما جاء في قوله تعالى: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [طه: 17].
فأين هذه القُرَى؟ وهل كان لها وجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
نعم، كان لهذه القرى آثار وأطلال تدل عليها ويراها النبي صلى الله عليه وسلم ويراها الناس في رحلاتهم إلى الشام وغيرها مثل: قُرَى ثمود قوم صالح، وقرى قوم لوط، وقد قال تعالى عنها:
{ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الصافات: 137-138].
إذن: فتلك إشارة إلى موجود مُحَسٍّ دَالٍّ بما تبقّى منه على ما حاق بهذه القرى من عذاب الله، وما حلَّ بها من بَأْسِه الذي لا يُرَدُّ عن القوم الظالمين.
وكلمة { ٱلْقُرَىٰ } جمع قرية، وتُطلَق على المكان الذي تتوفّر فيه مُقوِّمات الحياة وضرورياتها، بل بها ما يزيد على الضروريات ومُقوّمات الحياة العادية؛ لأن القرية لا تُطلَق إلا على مكان تتسع فيه مُقوِّمات الحياة اتساعاً يكفي لمن يطرأ عليها من الضيوف فيجد بها قِرَى. فإنْ كانت قرية كبيرة يأتيها الرزق الوفير من كل مكان كأنها أُمٌّ، نسميها (أم القرى).
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ ... }.