خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً
٦٧
-مريم

خواطر محمد متولي الشعراوي

فلأنْ يُعادَ الإنسانُ من شيء أهونُ من إنْ يعاد من لا شيء؛ لذلك قال تعالى في توضيح هذه المسألة: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ .. } [الروم: 27] مع أن الخالق سبحانه وتعالى لا يُقال في حقه تعالى هَيِّن وأهون، أو صعب وأصعب، ولكنه يحدثنا بما نفهم وبما نعلم في أعرافنا.
ففي عُرْفنا نحن أن تنشىء من موجود أسهل من أنْ تنشىء من عدم، وإنْ كان فعل العبد يقوم على المعالجة ومزاولة الأسباب، ففِعْل الخالق سبحانه إنما يكون بقوله للشيء "كُنْ فيكون".
وفي آية أخرى يقول تعالى:
{ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ .. } [لقمان: 28].
ولما سُئِل الإمام علي - كرَّم الله وجهه: كيف يُحاسِب اللهُ الناسَ جميعاً في وقت واحد؟ قال: كما يرزقهم جميعاً في وقت واحد.
فقوله: { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ .. } [مريم: 67] أي: لو تذكّر هذه الحقيقة ما كذَّب بالبعث، وقد عولجت هذه المسألة أيضاً في قوله تعالى:
{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [يس: 78].
فلو تذكَّر خَلْقه الأول ما ضرب لنا هذا المثل. ثم يأتي الجواب منطقياً:
{ قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس: 79].
وهنا أيضاً يكون الدليل: { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } [مريم: 67].
ثم يقول الحق سبحانه:
{ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ... }.