خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ
١٦٦
-البقرة

خواطر محمد متولي الشعراوي

إن كل مَنْ زَيَّنَ الكفر والعصيان لغيره سيتبرأ من كل مَنْ زَيَّنَ لهم معصية الله والشرك به، حتى الشيطان؛ العُمدة في إغوائهم سيتبرأ منهم، وسيقول ساعتها: { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ .. } [إبراهيم: 22].
فلن يستطيع الشيطان أن ينقذ أحداً من المشركين، ولن يصرخ فيأتي له المشركون لإنقاذه، وإن صرخ المشركون؛ فلن يأتي لهم الشيطان لينقذهم، وسيتبرأ كل منهم من الآخر، وسيتبرأ الكافرون من كل من زين لهم الشرك بالله، أو سيقول الكافرون لمن زينوا لهم الشرك بالله: "نحن أبرياء منكم ولا علاقة لنا بكم". وجاءت الآية بالذين اتُّبِعوا أولاً لأنهم المفتون فيهم، ثم جاءت بالذين اتَّبعُوا من بعد ذلك، إنهم يرون العذاب وتتقطع بهم الأسباب، وأصبحت كل نفس بما كسبت رهينة، والشيطان نفسه يعترف بأنه لم يكن صاحب سلطان إلا بأن دعاهم، فمَنْ استجاب له، جيء به إلى هذا المصير، والسلطان إما أن يكون سلطان حُجة، وإما سلطان قهر، ولم يكن للشيطان سلطان قهر على الكافرين، ولم يكن له إلا عمل واحد بلا سلطان، وهو أن دعاهم إلى الشرك بالله؛ فاستجابوا له. فماذا يحدث عندما تتقطع بهم الأسباب؟ إن الحق سبحانه يقول: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا ... }.