خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ
٤١
-الحج

خواطر محمد متولي الشعراوي

معنى: { مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ .. } [الحج: 41] جعلنا لهم سلطاناً وقوة وغَلَبة، فلا يَجترىء أحد عليهم أو يزحزحهم، وعليهم أنْ يعلموا أن الله ما مكَّنهم ونصرهم لذاتهم، وإنما ليقوموا بمهمة الإصلاح وينقوا الخلافة الإنسانية في الأرض من كُلِّ ما يُضعِف صلاحها أو يفسده.
لذلك، سيدنا سليمان عليه السلام كان يركب بساط الريح يحمله حيث أراد، فداخله شيء من الزهو، فمال به البساط وأوشك أنْ يُلقيه، ثم سمع من البساط مَنْ يقول له: أُمِرْنا أن نطيعك ما أطعتَ الله.
والممكَّن في الأرض الذي أعطاه الله البأْس والقوة والسلطان، يستطيع أنْ يفرض على مجتمعه ما يشاء، حتى إنْ مُكِّن في الأرض بباطل يستطيع أنْ يفرض باطله ويُخضِع الناس له، ولو إلى حين.
فماذا يُناط بالمؤمن إنْ مُكِّن في الأرض؟
يقول تعالى: { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ .. } [الحج: 41] ليكونوا دائماً على ذِكْر وولاء من ربهم الذي وهبهم هذا التمكين؛ ذلك لأنهم يترددون عليه سبحانه خَمْس مرات في اليوم والليلة.
{ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } [الحج: 41] فهذه أُسس الصلاح في المجتمع والميزان الذي يسعد به الجميع.
{ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ } [الحج: 41] يعني: النهاية إلينا، وآخر المطاف عندنا، فمَن التزم هذه التوجيهات وأدَّى دوره المنُوط في مجتمعه، فبها ونِعْمتْ، ومَنْ ألقاها وراء ظهره فعاقبته معروفة.
ثم يُسلِّي الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا يهتم بما يفعله قومه من كفر وعناد ومجابهة للدعوة:
{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ... }.