خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٦
-الحج

خواطر محمد متولي الشعراوي

أي: أن ما حدث في خَلْق الإنسان تكويناً، وما حدث في إنبات الزرع تكويناً ونماءً، يردُّ هذا كله إلى أن الله تعالى { هُوَ ٱلْحَقُّ .. } [الحج: 6] فلماذا أتى بالحق ولم يقُلْ الخالق؟ قالوا: لأن الخالق قد يخلق شيئاً ثم يتخلى عنه، أمّا الله - سبحانه وتعالى - فهو الخالق الحق، ومعنى الحق أي: الثابت الذي لا يتغير، كذلك عطاؤه لا يتغير، فسوف يظل سبحانه خالقاً يعطيك كل يوم؛ لأن عطاءه سبحانه دائم لا ينفد.
وإذا نظرتَ إلى الوجود كله لوجدته دورة مكررة، فالله عز وجل قد خلق الأرض وقدَّر فيها أقواتها، فمثلاً كمية الماء التي خلقها الله في الكون هي هي لم تَزِدْ ولم تنقص؛ لأن للماء دورة في الحياة، فالماء الذي تشربه طوال حياتك لا يُنقص في كمية الماء الموجودة؛ لأنه سيخرج منك على صورة فضلات ليعود في دورة الماء في الكون من جديد.
وهكذا في الطعام الذي تأكله، وفي الوردة الجميلة الطرية التي نقطفها، كل ما في الوجود له دورة يدور فيها، وهذا معنى:
{ { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا .. } [فصلت: 10].
فمعنى: { ٱلْحَقُّ .. } [الحج: 6] هنا الثابت الذي لا يتغير في الخَلْق وفي العطاء. فلا تظن أن عطاء الله لك شيء جديد، إنما هو عطاء قديم يتكرر لك ولغيرك.
ثم يقول تعالى: { وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ .. } [الحج: 6] كما قُلْنا في الآية السابقة: { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً .. } [الحج: 5] أي: ساكنة لا حياةَ فيها، والله وحده القادر على إحيائها؛ لذلك نجد علماء الفقه يُسمُّون الأرض التي نصلحها للزراعة (إحياء الموات) فالله تعالى هو القادر وحده على إحياء كل ميت؛ لذلك يقول بعدها: { وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الحج: 6]
وما دام الأمر كذلك وما دُمْتم تشاهدون آية إحياء الموات في الأرض الميتة فلا تنكروا البعث وإعادتكم بعد الموت. فيقول تعالى:
{ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ... }.