خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ
٣
-المؤمنون

خواطر محمد متولي الشعراوي

اللغو: الكلام الذي لا فائدة منه، ويُطلق أيضاً على كل فعل لا جدوى منه، وفي موضع آخر يقول تعالى: { { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } [الفرقان: 72] لا يشغلون به ولا يأبهون له، وحكى القرآن عن الكفار عند سماعهم القرآن قولهم: { { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ .. } [فصلت: 26].
لذلك جعل الحق - تبارك وتعالى - من نعيم الجنة:
{ { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [الواقعة: 25-26] كأن من المعايب في الدنيا ومن مصائبها أن نسمع فيها لغواً كثيراً لا فائدة منه، وفي آية أخرى يقول عن خمر الآخرة التي لا تُذهب العقل، ولا تجعل صاحبها يهذي بلغو الكلام: { { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } [الطور: 23].
و { مُّعْرِضُونَ } [المؤمنون: 3] الإعراض في الأصل تجنّب الشيء، وهو صورة لحركة إباء النفس لشيء ما. وأهل المعرفة يضعون للغو مقياساً، فيقولون: كل عمل لا تنال عليه ثواباً من الله فهو لغو.
لذلك احرص دائماً أن تكون حركتك كلها لله حتى تُثَابَ عليها، كصاحبنا الذي دخل عليه رجل وقصده في قضاء أمر من الأمور وهو لا يملك هذا الأمر، لكن أراد أنْ يستغل فرصة الخير هذه، وأن يكون له ثواب حتى في حركة الامتناع عنه، فرفع يده: اللهم إنه عبد قصد عبداً وأنا آخذ بيده وأقصد رباً، فاجعل تصويب خطئه في قصدي تصويباً لقصدك. يعني: أنا وإنْ كنتُ لا أقدر على قضائها إلا أنني أدخل بها على الله من هذه الناحية.