خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ
٢٥
-النور

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله: { يَوْمَئِذٍ .. } [النور: 25] أي: يوم أنْ تحدث هذه الشهادة، وهو يوم القيامة { يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ .. } [النور: 25] الدين: يُطلَق على منهج الله لهداية الخَلْق، ويُطلق على يوم القيامة، ويُطلَق على الجزاء.
فالمعنى: يوفيهم الجزاء الذي يستحقونه { ٱلْحَقَّ .. } [النور: 25] أي: العدل الذي لا ظلمَ فيه ولا تغيير، فليس الجزاء جُزَافاً، إنما جزاء بالحق؛ لأنه لم يحدث منهم توبة، ولا تجديد إيمان؛ لذلك لا بُدَّ أنْ يقع بهم ما حذرناهم منه وأخبرناهم به من العقاب، وليس هناك إله آخر يُغيِّر هذا الحكم أو يؤخره عنهم.
لذلك بعد أنْ قال تعالى:
{ { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } [المسد: 1-5].
قال بعدها:
{ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ * ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 1-4].
يعني: ليس هناك إله آخر يُغيِّر هذا الكلام، فما قُلْته سيحدث لا محالةَ.
ثم يقول تعالى: { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } [النور: 25] و { ٱلْحَقُّ } [النور: 25] هو الشيء الثابت الذي لا يتغير، فكلُّ ما عدا الله تعالى مُتغير، إذن: فالله بكل صفات الكمال فيه سبحانه لا تغييرَ فيه، لذلك يقولون: إن الله تعالى لا يتغير من أجلنا، ولكن يجب أنْ نتغير نحن من أجل الله، كما قال سبحانه:
{ { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ .. } [الرعد: 11].
فالله هو الحقُّ الثابت، هذا بالبراهين العقلية وبالواقع، وقد عرفنا الكثير من البراهين العقلية، أما الواقع فإلى الآن لم يظهر مَنْ يقول أنا الله ويدَّعي هذا الكون لنفسه، وصاحب الدعوى تثبت له إنْ لم يَقُمْ عليها معارض ومعنى { ٱلْمُبِينُ } [النور: 25] الواضح الظاهر الذي تشمل أحقيتُه الوجودَ كله.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ... }.