{ ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً .. } [النور: 3] لأن الزواج يقوم على التكافؤ، حتى لا يستعلي أحد الزوجين على الآخر، والزاني فيه خِسَّة، فلا يليق به إلا خسيسة مثله يعني: زانية، أو أخس وهي المشركة؛ لأن الشرك أخسُّ من الزنا، لأن الزنا مخالفة أمر توجيهي من الله، أمّا الشرك فهو كفر بالله؛ لذلك فالمشركة أخبث من الزانية. وما نقوله في زواج الزاني نقوله في زواج الزانية { وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ .. } [النور: 3].
وهنا يعترض البعض: كيف إنْ كانت الزانية مسلمة: أينكحها مشرك؟ قالوا: التقابل هنا غرضه التهويل والتفظيع فقط لا الإباحة؛ لأن المسلمة لا يجوز أن تتزوج مشركاً أبداً، فالآية توبيخ لها: يا خسيسة، لا يليق بك إلا خسيس مثلك أو أخسّ.
وأرى أن النص محتمل لانفكاك الجهة؛ لأن التي زنتْ تدور بين أمرين: إما أنها أقبلتْ على الزنا وهي تعلم أنه مُحرَّم، فتكون عاصية باقية على إسلامها، أو أنها ردَّت حكم الزنا واعترضت عليه فتكون مشركة، وفي هذه الحالة يستقيم لنا فهم الآية.
ثم يقول تعالى: { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } [النور: 3] فهذا سبب طُهْر الأنسال أن يُحرِّم الله تعالى الزنا، فيأتي الخليفة طاهر النسل والعنصر، محضوناً بأب وأم، مضموماً بدفء العائلة، لا يتحملون عليه نسمة الهواء؛ لأنه جاء من وعاء طيب طاهر نظيف.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ... }.