خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٥
-النور

خواطر محمد متولي الشعراوي

اختلف العلماء في معنى الاستثناء هنا: أهو استثناء من الفِسْق؟ أم استثناء من عدم قبول الشهادة؟
ذكرنا أن مشروعية التوبة مِنَّة وتكرُّم من الحق - تبارك وتعالى - لأنه لو لم تشرع التوبة كان مَنْ يقع في معصية مرة، ولا تُقبل منه توبة يتجرأ على المعصية ويكثر منها، ولم لا؟ فلا دافعَ له للإقلاع.
إذن: حين يشرع الله التوبة إنما يحمي المجتمع من الفاقدين الذين باعوا أنفسهم، وفقدوا الأمل في النجاة. فمشروعية التوبة كَرَم، وقبولها كرم آخر، لذلك يقول الحق سبحانه:
{ { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ .. } [التوبة: 118] أي: شرع لهم التوبة ليتوبوا فيقبل منهم.
وقوله تعالى: { وَأَصْلَحُواْ .. } [النور: 5] تدل على أن مَنْ وقعتْ منه سيئة عليه أن يتبعها بحسنة، وقد ورد في الحديث الشريف:
"وأتبع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها ..." لذلك تجد الذين أسرفوا على أنفسهم في ناحية ما، حينما يكبرون ويُحبّون التوبة تراهم شغوفين بحُبِّ الخير وعمل الطاعات، يريدون أن يُكفِّروا بها ما سبق من السيئات، على خلاف مَنْ حافظ على نفسه، ونأى بها عن المعاصي، فتراه بارداً من ناحيتها يفعل الخير على قَدْر طاقته.
وكأن الحق - تبارك وتعالى - يُحذِّر عباده: يا عبادي احذروا: مَنْ أخذ مني شيئاً خِلْسة أو ترك لي حكماً، أو تجرأ عليَّ بمعصية سيتعب فيما بعد، ويلاقي الأمَّريْن؛ لأن السيئة ستظل وراءه تطارده وتُجهده لأغفرها له، وسيحتاج لكثير من الحسنات وأفعال الخير ليجبر بها تقصيره في حَقِّ ربه.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ ... }.