خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ
١٣١
-الشعراء

خواطر محمد متولي الشعراوي

أي: أن ربكم - عز وجل - لم يترككم على ما أنتم عليه من الضلال تعبثون بالآيات، وتتخذون مصانع تطلبون الخلود، وأنكم بطشتم جبارين، وها هو يدعوكم: { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [الشعراء: 131] فتقوى الله تعالى وطاعته كفيلة أنْ تُذهب ماضيكم وتمحو ذنوبكم، بل وتُبدِّله خيراً وصلاحاً { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ .. } [هود: 114].
وأنا حين أُوصيكم بتقوى الله وطاعته، لا أوصيكم بهذا لصالحي أنا، فلا أقول لكم، اتقوني أو أطيعوني ولن أنتفع من طاعتكم بشيء. كذلك الحق - تبارك وتعالى - غني عنكم وعن طاعتكم؛ لأن له سبحانه صفات الكمال المطلق قبل أن يخلق الخَلْق، فهو سبحانه متصف بالخَلْق قبل أن يخلق، وبالقدرة قبل أن يُوجَد المقدور عليه .. إلخ.
إذن: فوجودكم لم يَزِدْ شيئاً في صفاته تعالى، وما كانت الرسالات إلا لمصلحتكم أنتم، فإذا لم تطيعوا أوامر الله، وتأخذوا منهجه، لأنه يفيدكم فأطيعوه جزاءَ ما أنعم عليكم من نِعَم لا تُعدُّ ولا تُحصَى، فالإنسان طرأ على كون أُعِدَّ لاستقباله وهُيِّىء لمعيشته، وخلق له الكون كله: سماءً، فيها الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر، وأرضاً فيها الخصب والماء والهواء. هذا كله قبل أن تُوجَد أنت، فطاعتك لله - إذن - ليست تفضُّلاً منك، إنما جزاء ما قدَّم لك من نِعَم.
وعجيب أن ترى هذه المخلوقات التي جُعِلَتْ لخدمتك أطول عمراً منك، فالإنسان قد يموت يوم مولده، وقد يعيش عدة أيام أو عدة سنوات، أمّا الشمس مثلاً فعمرها ملايين السنين، وهي تخدمك دون سلطان لك عليها، ودون أن تتدخل أنت في حركتها.
ثم يقول تعالى:
{ وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ ... }.