خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٧
-الشعراء

خواطر محمد متولي الشعراوي

فالأصل في لقاء موسى بفرعون أن ينقذ بني إسرائيل من العذاب، ثم يُبلِّغهم منهج الله، ويأخذ بأيديهم إليه، وجاءت دعوة فرعون للإيمان ونقاشه في ادعائه الألوهية تابعة لهذا الأصل.
وفي موضع آخر:
{ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ .. } [طه: 47].
إذن: فتلوين الأساليب في القصص القرآني يشرح لقطاتٍ مختلفة من القصة، ويُوضِّح بعض جوانبها، وإنْ بدا هذا تكراراً في المعنى الإجمالي، وهذا واضح في وقوله تعالى في أول قصة موسى عليه السلام:
{ فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وحَزَناً .. } [القصص: 8].
وفي أية أخرى يقول تعالى على لسان امرأة فرعون:
{ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ .. } [القصص: 9] وكأن الله تعالى يقول: ستأخذونه ليكون قُرَّة عين لكم، إنما هو سيكون عدواً.
والله تعالى يقول:
{ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ .. } [الأنفال: 24] ففرعون في حين كان يقتل الأطفال من بني إسرائيل، ويستحيي البنات، جاءه هذا الطفل بهذه الطريقة اللافتة للنظر، فكان عليهم أنْ يفهموا أن مَنْ أُلقِي في التابتوت وفي اليمِّ بافتعال، هو بهدف نجاته من القتل، فلو كان فرعون إلهاً، فكيف مرّت عليه هذه الحيلة وجازتْ عليه؟
وهذا يدل على أن الله تعالى إذا أراد إنفاذ أمر سلب من ذوي العقول عقولهم، وحال بين المرء وقلبه، ويدل على غباء قومه؛ لأنهم لو تأملوا هذه المسألة لظهر لهم كذب فرعون في ادعائه الألوهية.
فكان ردّ فرعون على موسى عليه السلام:
{ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً ... }.