خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
٧٥
أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ
٧٦
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٧٧
-الشعراء

خواطر محمد متولي الشعراوي

يقول إبراهيم عليه السلام: لا تلقوا بالمسألة على الآباء، وتُعلِّقوا عليهم أخطاءكم، ثم يعلنها صريحة متحدية كأنه يقول لهم: الحمرة في خيلكم اركبوها.
{ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ .. } [الشعراء: 77] وكلمة عدو جاءت مفردة مع أنها مسبوقة بضمير جمع وتعود على جمع { فَإِنَّهُمْ .. } [الشعراء: 77] ومع ذلك لم يقل: أعداء لي. قالوا: لأن العداوة في أمر الدين واحدة على خلاف العداوة في أمر الدنيا؛ لأنها متعددة الأسباب، كما جاء في قوله تعالى:
{ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ .. } [آل عمران: 103].
فجاءت:
{ أَعْدَآءً .. } [آل عمران: 103] هنا جمع؛ لأنها تعود على عداوة الدنيا، وهي متعددة الأسباب، أمّا العداوة في الدين فواحدة على قلب رجل واحد.
ومن ذلك ما قلناه في سورة النور عند قوله تعالى:
{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ .. } [النور: 61].
كلها بصيغة الجمع إلا في
{ صَدِيقِكُمْ .. } [النور: 61] جاءت بصيغة المفرد؛ لأن الصداقة الحقة هي ما كانت لله غير متعددة الأغراض، فهي إذن لا تتعدد.
وفي إعلان إبراهيم لعداوته لهذه الأصنام تحدٍّ لهم: فها أنا ذا أعلن عداوتي لهم، فإنْ كانوا يقدرون على مضرّتي فليفعلوا. وبعد أن أعلن إبراهيم - عليه السلام - عداوته للأصنام نجحت دعوته، وظل إبراهيم هو إبراهيم لم يُصبْه شيء.