خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ
٨٤
-الشعراء

خواطر محمد متولي الشعراوي

نعرف أن اللسان وسيلة التعبير، ومعنى { لِسَانَ صِدْقٍ .. } [الشعراء: 84] يعني: ذكراً حسناً يذكر بحق، ويذكر بصدق، لا كما نفعل الآن حين نقيم ذكرى لأحد الأشخاص، فنظل نكيل له المدائح ونُثني عليه بالصِّدْق وبالكذب، وبما فعل وبما لم يفعل، فهذا ذكر، لكنه ذكر غير صادق ومخالف للحقيقة وللواقع.
وسبق أن أوضحنا أن الصدق هو الكلام المطابق للواقع، وقد ورد هذا المعنى في الأمهات الخمس في القرآن الكريم، في قول الحق سبحانه وتعالى:
{ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ .. } [الإسراء: 80].
يعني: أدخلني بصدق - لا بغشٍّ يعني - مدخلاً أستطيع منه الخروج، وكذلك أخرجني مُخرج صدق.
وفي قوله تعالى:
{ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر: 55].
وفي قوله تعالى:
{ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } [الأحقاف: 16] هذه المواضع الخمس لكلمة الصدق.
ومعنى: { فِي ٱلآخِرِينَ } [الشعراء: 84] يعني: يتعدى الذّكْر الحسن مدة حياتي إلى مَنْ بعدي، فاجعل لي لسان صدق في المعاصرين، وفيمن يأتي بعدك أترك أثراً طيباً يُذكَر من بعدي؛ لأن لي نصيباً من الخير والثواب في كل مَن اقتدى بي، وجعلني أُسْوة.
وقد أجابه الله في هذه، فقال سبحانه:
{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [الصافات: 108-109].