خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ
١٨
-القصص

خواطر محمد متولي الشعراوي

أي: بعد أن قتل موسى القبطيَّ صار خائفاً منهم { يَتَرَقَّبُ .. } [القصص: 18].
ينظر في وجوه الناس، يرقب انفعالاتهم نحوه، فربما جاءوا ليأخذوه، كما يقولون: يكاد المريب أنْ يقول: خذوني، فلو جلس قوم في مكان، ثم فاجأهم رجال الشرطة تراهم مطمئنين لا يخافون من شيء، أما المجرم فيفر هارباً.
ومن ذلك ما يقوله أهل الريف: (اللي على راسه بطحة يحسس عليها).
وهو على هذه الحال من الخوف والترقُّب إذ بالإسرائيلي الذي استغاث به بالأمس { يَسْتَصْرِخُهُ .. } [القصص: 18] استصرخ يعني: صرخ، ونادى على مَنْ يُخلّصه، وهو انفعال للاستنجاد للخلاص من مأزق، ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن إبليس
{ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ .. } [إبراهيم: 22].
وسبق أن تكلَّمنا في همزة الإزالة نقول: صرخ فلان يعني استنجد بأحد فأصرخه يعني: أزال سبب صراخه، فمعنى الآية: أنا لا أزيل صراخكم، ولا أنتم تزيلون صراخي.
عندها قال موسى عليه السلام لصاحبه الذي أوقعه في هذه الورطة بالأمس { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } [القصص: 18] تريد أنْ تُغويَني بأنْ أفعل كما فعلت بالأمس، وما كان موسى - عليه السلام - ليقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه، فلا يُلْدَغ المؤمن من جُحْر مرتين.