خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ
٨
-لقمان

خواطر محمد متولي الشعراوي

وهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات في مقابل الذين يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله، وهذه سِمَة من سمات الأسلوب القرآني؛ لأن ذكر الشيء مع مقابله يُوضِّح المعنى ويعطيه حُسْناً، كما في قوله تعالى: { { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار: 13-14].
فالجمع بين المتقابلات يُفرح المؤمن بالنعيم، ثم يفرحه بأنْ يجد أعداءه من الكفار الذين غاظوه واضطهدوه وعذَّبوه يجدهم في النار.
وقلنا: إن الحق - سبحانه وتعالى - حينما يتكلم عن الإيمان يردفه بالعمل الصالح { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [لقمان: 8] لأن الإيمان أن تعلم قضايا غيبية فتُصدِّق بها، لكن ما قيمة هذا الإيمان إذا لم تنفذ مطلوبه؟
وكذلك في سورة العصر:
{ { وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ .. } [العصر: 1-3] ففائدة الإيمان العمل بمقتضاه، وإلا فما جدوى أن تؤمن بأشياء كثيرة، لكن لا تُوظف ما تؤمن به، ولا تترجمه إلى عمل وواقع؛ لذلك إنْ اكتفيتَ بالإيمان ككلمة تقال دون عمل، فقد جعلت الإيمانَ حجة عليك لا حجةً لك.
ومعنى { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [لقمان: 8] أي: الصالح، والحق سبحانه خلق الكون على هيئة الصلاح، فالشيء الصالح عليك أنْ تزيد من صلاحه، فإنْ لم تقدر فلا أقلَّ من أنْ تدعَ الصالح على صلاحه فلا تفسده.
ثم يذكر سبحانه جزاء الإيمان والعمل الصالح { لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } [لقمان: 8] فهي جنات لا جنة واحدة، ثم هي جنات النعيم أي: المقيم الذي لا تفوته ولا يفوتك.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً ... }.