خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
٢٠
-السجدة

خواطر محمد متولي الشعراوي

{ فَسَقُواْ .. } [السجدة: 20] من الفسوق أي الخروج، نقول: فسقتْ البلحة يعني خرجت عن قشرتها، والمراد هنا الذين خرجوا عن طاعة الله وعن مطلوبات الحق سبحانه { فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ .. } [السجدة: 20] قلنا: إن المأوى هو المكان الذي تأوي إليه، فيحميك من كل مكروه، فكيف تُوصف به النار هنا؟
قالوا: المأوى المكان الذي ينزل فيه الإنسان على هواه وعلى (كيفه)، أما هؤلاء فينزلون هنا رغماً عنهم، أو أن الكلام هنا على سَبْق التهكم والسخرية، كما في قوله تعالى:
{ { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [آل عمران: 21].
ومعلوم أن البشرى لا تكون إلا بالشيء السَّار، ومثل:
{ { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49]، وهذا كثير في أسلوب القرآن؛ لأنه أسلوب يؤلم الكافرين، ويحطّ من شأنهم.
ثم يُصوِّر لنا الحق سبحانه ما فيه أهل النار من اليأس: { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا .. } [السجدة: 20] وفي موضع آخر قال عنهم
{ { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [الزخرف: 77] إذن: لا أمل لهم في الخروج، ولا حتى في الموت الذي يريحهم مما هم فيه، بل تردهم الملائكة في العذاب، ويقولون لهم: { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [السجدة: 20].
فالإذاقة تعدَّتْ اللسان واستولتْ على كل الأعضاء، فكل ذرة فيه تذوق عذاب النار جزاء ما كانوا يكذبون بها في الدنيا، حيث كذِّبوا بالأصل، وهو الرجوع إلى الله يوم القيامة.
ثم إن عذاب الفاسقين لا يقتصر على عذاب الآخرة، إنما سيكون لهم عذاب آخر يذوقونه في الدنيا:
{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ ... }.