خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
٤٢
-سبأ

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله سبحانه { فَٱلْيَوْمَ } [سبأ: 42] أي: يوم القيامة { لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ } [سبأ: 42] أي: الملائكة ومَنْ عبدوهم من المشركين { نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً .. } [سبأ: 42] فإنْ كانوا يظنون أنهم الملائكة، وأنهم عباد مُكْرمون، وأن لهم منزلة عند الله؛ لذلك سيشفعون لهم فأفهموهم: أنكم لا تشفعون إلا لمن ارتضى ولا تشفعون ابتداءً، بل تنتظرون أنْ يُؤْذَن لكم في الشفاعة، ثم أنتم أيها الملائكة تستحُونَ أنْ تكونوا شفعاء لمن عبد غير الله؛ لأن إخلاصكم في عبوديتكم لله تعالى يمنعكم أنْ تناصروا هؤلاء أو تشفعوا لهم.
ومثل هذا الموقف شاهدناه مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان الذين آمنوا بالله وكفروا برسالته مُقدَّمون عنده على مَنْ كفروا بالله، فعصبية محمد صلى الله عليه وسلم، لربه أكثر من عصبيته لنفسه.
وقوله تعالى: { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [سبأ: 42] هذه الآية من المواضع التي وقف أمامها المستشرقون يظنون أن بها مأخذاً على كلام الله، قالوا: القرآن يقول في سبأ { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [سبأ: 42] ويقول في السجدة:
{ { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [السجدة: 20].
فهل كذَّب الكفار بالنار، أم كذَّبوا بالعذاب؟ ونقول: منهم مَنْ كان يُكذِّب بوجود النار أصلاً، وهؤلاء قال الله لهم { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [سبأ: 42] لأن تكذيبهم مُنصَبٌّ على النار، والاسم الموصول (التى) يعود إلى النار.
أما الذين آمنوا بوجود النار، لكن ينكرون أنْ يُعذَّبوا بها قال الله لهم
{ { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [السجدة: 20] لأن تكذيبهم للعذاب لا للنار؛ لذلك جاء الاسم الموصول (الذي) العائد إلى العذاب.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا... }.