خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ
٢٨
إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ
٢٩
-يس

خواطر محمد متولي الشعراوي

نفهم من سياق هاتين الآيتين أن القوم المكذِّبين قتلوا هذا الرجل المتطوع، أو أنه مات بطبيعة الحال، والمنتظر أن الله تعالى يجازيهم على تكذيبهم للرسل الثلاثة أولاً، ثم تكذيبهم للرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى لنصحهم، فماذا فعل الله بهم؟
يقول سبحانه: إن أمر هؤلاء المكذِّبين أهون من أنْ نُنزل عليهم جُنداً من السماء تهلكهم. ومجرد صيحة واحدة كافية لهلاكهم، فالمعنى { وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ } [يس: 28] أي: من بعد النصيحة والعِظَات والبراهين التي تطوَّع بها { مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ } [يس: 28] يعني: لم نُنزل وما كان ينبغي لنا أنْ نُنزل عليهم جنداً من السماء؛ لأن الأمر أهون من ذلك.
{ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } [يس: 29] أي: ما كانت إلا صيحة واحدة { فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } [يس: 29] كلمة { خَامِدُونَ } [يس: 29] تدل على أنهم كانوا متحمسين للكفر بهم في أُوَار وغضب واشتعال على رسل الله أولاً، ثم على الرجل المتطوع ثانياً، فهُمْ في ذلك أشبه بالنار المتأججة، فأخمدها الله.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك كلمة يصح أن يقولها كل مؤمن يرى مصارع العاصين ونهاية الكافرين الذين أدركهم الموت قبل أنْ يتداركوا أنفسهم بالإيمان، يقول:
{ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ ... }.