خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ
٧٢
-الزمر

خواطر محمد متولي الشعراوي

كلمة (بئْسَ) للذم والمذموم { مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } [الزمر: 72] أي: إقامتهم ونهايتهم، ووصفهم بالمتكبرين خاصة لأنهم ما وصلوا إلى هذه النهاية إلا بتكبرهم، تكبرهم على مَنْ؟ على ربهم وخالقهم، وعجيب من العبد أن يتكبر أول ما يتكبر على خالقه سبحانه الذي خلقه من عدم وأمده من عُدم.
ونلحظ في هذه الآية مظهراً من مظاهر رحمته تعالى حتى بالكافرين، وكأن الحق سبحانه يفتح لهم باب الأمل في النجاة، ويلمح لهم بإمكانية التوبة، ومهما كان منهم فالباب مفتوح، نفهم ذلك من قوله تعالى: { خَالِدِينَ فِيهَا .. } [الزمر: 72] ولم يقُلْ هنا أبداً كما قال مثلاً في قوله تعالى:
{ { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } [الجن: 23].
ولما أحصى العلماء لفظ الأبدية بالنسبة للكافرين وجدوه في آيتين (هما الأحزاب 65 - الجن 23)، إذن: ذكر كلمة أبداً في بعض الآيات وتركها في البعض الآخر، وفي هذا إطماع لمن لم يصل إلى الحقيقة التي تنجيه ربما تدارك الأمر وأنقذ نفسه وعاد إلى الجادة، أما حين يتكلم الحق سبحانه عن الجنة فتجد كلمة
{ { خَالِدِينَ فِيهَآ .. } [الجن: 23] غالباً مقرونة بالأبدية.
ونلحظ أيضاً قوله تعالى: { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ .. } [الزمر: 72] ولم يقل: ادخلوا جهنم. فما الفرق بين التعبيرين؟ قال تعالى: { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ .. } [الزمر: 72] لأن العذاب يبادرهم ويسرع إليهم بمجرد أنْ يدخلوها فهو يستقبلهم على بابها.
بعد ذلك ينتقل السياق إلى المقابل، إلى أهل الجنة، لكن لماذا بدأ بأهل النار فقال:
{ { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً .. } [الزمر: 71] قالوا: بدأ بهم لأنهم هم المنكرون المكذِّبون بالبعث والحساب، فبدأ بهم تعجيلات بعقابهم ومساءتهم، أما المتقون فهم مُصدِّقون بهذا اليوم مؤمنون به، وبما سيكون فيه من حساب وجزاء، ثم إن الختام بالوعد والبشارة فيه استبشارٌ وحُسْن ختام.
يقول تعالى:
{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً ... }.