خواطر محمد متولي الشعراوي
{ فَأُوْلَـٰئِكَ .. } [النساء: 99] إشارة إلى مَنْ جاء ذكرهم في الآية السابقة لهذه الآية:
{ { إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } [النساء: 98].
ومع ذلك فإن الله حين أشار إلى هؤلاء المستضعفين بحق قال:
{ فَأُوْلَـٰئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ .. } [النساء: 99] .
وكان مقتضى الكلام أن يقول الحق: "فأولئك عفا الله عنهم"، لكن الحق جاء بـ "عسى" ليحثهم على رجاء أن يعفو الله عنهم، والرجاء من الممكن أن يحدث أَوْ لا يحدث. ونعرف أن "عسى" للرجاء، وأنها تستخدم حين يأتي بعدها أمر محبوب نحب أن يقع..
فقد ترجو شيئاً من غيرك وتقول: عساك أن تفعل كذا. وقد يقول الإنسان: عساي أن أفعل كذا، وهناك يكون القائل هو الذي يملك الفعل وهذا أقوى قليلاً، ولكن الإنسان قد تخونه قوته؛ لذلك فعليه أن يقول: عسى الله أن يفعل كذا، وفي هذا اعتماد على مطلق القوة. وإذا كان الله هو الذي يقول: { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ .. } [النساء: 99]، فهذا إطماع من كريم قادر.
وبعد أن يذكر لنا القصة التي تحدث لكل مَنْ مات وتوفته الملائكة ظالماً نفسه بأن ظل في أرض ومكث فيها، وكان من الممكن أن يهاجر إلى أرض إيمانية إسلامية سواها؛ ومع ذلك فالذي يضع في نفسه شيئاً يريد أن يحقق به قضية إيمانية فهو معانٌ عليها لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
{ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ... }.