خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٥٠
-فصلت

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله: { لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي } [فصلت: 50] هذا من حقي، أستحقه بعملي ومجهودي، يعني: ينكر أن هذا من الله، وهذا القول قاله قارون { { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } [القصص: 78] فردَّ الله عليه: ما دُمتَ قد أوتيته على علم عندك فاحفظه بعلم عندك { { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [القصص: 81].
وصدق الله حين قال:
{ { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [العلق: 6-7].
ثم يتمادى في غروره فيقول { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ } [فصلت: 50] يعني في الآخرة. والمعنى: على فرض أن هناك بعثاً وحساباً { إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [فصلت: 50] الجزاء الأحسن، فكما أعطاني في الدنيا سيعطيني أحسن منه في الآخرة.
{ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ } [فصلت: 50] إذن: تنبيه المسيء إلى إساءته وتعريفه إياها أول مراحل العذاب، نقول له: عملتَ كذا وكذا ونُحصي عليه سيئاته تمهيداً لمحاسبته عليها، وهو يعلم أنه لا رجعةَ ليصلحَ ما بينه وبين ربه.
لذلك حكى القرآن عنهم
{ { قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } [المؤمنون: 99-100] فردَّ الله عليه { { كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [المؤمنون: 100].
وقال:
{ { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [الأنعام: 28].
وقوله { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [فصلت: 50] عذاب شديد، والعذاب يُوصف بأوصاف كثيرة، فمرة يقول
{ { عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الملك: 28] يؤلم و { { عَذَابٌ مُّهِينٌ } [المجادلة: 16] فيه إهانة وإذلال، فمن المعذبين مَنْ يناسبه ويناسب جريمته ويناسب طبيعته العذاب المؤلم، ومنهم مَنْ يؤثر فيه العذاب المهين الذي يكسر عنفوان كبريائه، حتى وإنْ لم يكُنْ مؤلماً.