خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ
٣٠
-الشورى

خواطر محمد متولي الشعراوي

كلمة أصاب مأخوذة من إصابة السهم للهدف، فإذا كان الرامي حاذقاً أصاب الهدف دون انحراف، فكأن المصائب في الدنيا سهام أُطْلقت بالفعل، وهي لا بدَّ صائبة أصحابها. لذلك يقولون: إن المصيبة ليست ناشئة حال وقوعها، إنما هي مُقدَّرة أزلاً، وسهم أُطلق بالفعل، فوقتها هو مسافة سفر السهم إليك، كما سبق أنْ قُلْنا في مصيبة الموت.
فهو إذن مسألة مفروغ منها وأمر مُسجَّل ومكتوب عليه أزلاً ليس حادثاً، فالكون كله له (ماكيت) مُسجَّل ومُوضَّح به كل شيء. لذلك قال تعالى:
{ { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [الحديد: 22] إذن: لا مفرَّ أبداً من المصيبة ولا مهربَ منها، ولا يمكن أبداً أنْ نحتاط لها، لأن السهم الذي أُطلِق لا يُرد.
والمصائب التي تصيب الإنسان على نوعين: نوع لك فيه دَخْل ويد، ونوع لا دخلَ لك فيه، فمثلاً التلميذ الذي يرسب آخر العام لأنه أهمل دروسه ولم يجتهد لا شكَّ أن له دخلاً في هذه المصيبة التي حلَّت به آخر العام، فإذا كنت لا تريد أن تصيبك هذه المصيبة فخُذْ بأسباب النجاح واحذر أسباب الفشل وسوف تجد النجاح.
الأخرى: مصيبة لا دخْلَ لك فيها، كالتلميذ يذاكر ويجتهد ويحفظ دروسه لكن يصيبه دوار ساعة الامتحان أو مرض مفاجئ فلا يستطيع إكمال الامتحان فيرسب، هذا حدث بقدر الله والذي أجرى عليه القدر ربه عز وجل، ولا بدَّ أنَّ له فيه حكمة، لذلك يجب الرضا بهذه المصيبة على أنها قضاء الله وقدره، والمصيبة تهون مهما كانت عظيمة حينما يؤمن المصاب بها أنها من الله لا من أحد سواه.
وسبق أنْ أوضحنا هذه المسألة بمثال من الواقع. قلنا: هَبْ أنك جالس فدخل عليك ابنك الصغير ووجهه يسيل منه الدم، وإن أول ما يتبادر إلى ذهنك أن تسأله: مَنْ فعل بك هذا؟ إذن: لم تحكم على الحدث إنما سألتَ عن صاحبه؛ لأن الحدث في ذاته لا يُحزن ولا يُفرح إلا بمصاحبة الفاعل.
فإنْ قال لك الولد: عمِّي فلان ضربني تهدأ. وتقول له: لا بدَّ أنكَ فعلتَ شيئاً يستحق العقاب، أما إنْ قال لك: ضربني فلان جارنا تغضب وتقيم الدنيا ولا تقعدها.
إذن: الحدث إنْ كان من مُحبٍّ قبلناه، وعلمنا أن وراءه مصلحة ورضينا به، وإنْ كان من عدو فلا مصلحةَ فيه واعترضنا عليه.
فالحق سبحانه يريد أنْ يُعلِّمنا كيفية استقبال المصائب وأنَّ كلَّ مصيبة تأتي لها سبب، فإنْ عرفناه كان بها، وإنْ جهلناه قلنا لا بدَّ أن لله فيه حكمة ودخلنا من باب الرضا والتسليم بدل أن ندخل من باب السخط والاعتراض.
فالطالب الذي أصابه دوار ولم يؤدِّ الامتحان يقول في نفسه: لعلَّني كنت مغروراً، فأراد الله أنْ يقضي على غروري، أو لعلَّني كنت سأحصل على مجموع أقل مما أريد، أو لعلَّ الله دفع عني بذلك عيون الحاسدين.
ألم يقل الحق سبحانه في حق نبيه صلى الله عليه وسلم:
{ { وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ .. } [القلم: 51].
والحق سبحانه وتعالى في سورة الكهف يعطينا مثالاً ونموذجاً يُعلِّمنا كيف نستقبل الأحداث؟ وكيف نتقبل المصائب؟ فما دام أنه لا دخْلَ لك فيها فلا بدَّ أن لله فيها حكمة، تقرأون قصة العبد الصالح مع سيدنا موسى عليهما السلام، فالعبد الصالح لم يكُنْ نبياً ومع ذلك تعلَّم منه النبي وطلب مصاحبته، فالعبد حينما يرتقي في علاقته بربه يفتح الله عليه فتوحات من عنده ويعلمه علماً لا يعطيه إلا لخاصته.
العبد الصالح كان يعبد الله على منهج سيدنا موسى، ومع ذلك تبعه موسى ليتعلم منه، لأن مهمة الرسول أن يصل المرسل إليه بربه، فإذا ما وصله بربه تركه وشأنه مع الله، وعندها يكون كل عبد (وشطارته) في علاقته بالله تعالى، فهذا العبد الصالح تقرَّب إلى الله ودخل معه سبحانه في وُدٍّ، فكان له معه شأن خاص.
انظر سيدنا موسى يقول للعبد الصالح:
{ { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } [الكهف: 66-67] ذلك لأنك سترى أموراً لا تعجبك وأفعالاً لا تدرك أنت حكمتها { { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً * قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } [الكهف: 68-70].
ثم تبدأ الرحلة وينطلق موسى في صحبة العبد الصالح، وأول حدث بينهما كانت السفينة
{ { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } [الكهف: 71].
هذا أول اعتراض من موسى، لأن الفعل في ظاهره غريب يستحق الاعتراض.
{ { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } [الكهف: 72-74] يعني: منكراً.
نعم موسى لم يستطع أن يصبر وهو يرى هذا الفعل العجيب المنكر في نظره
{ { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً * فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } [الكهف: 75-77].
وكانت هذه هي الثالثة، وتحقق الشرط الذي قطعه موسى على نفسه، فقرر العبد الصالح مفارقته، لكن قبل أن يفترقا قال له: تعالَ أوضح لك ما لم يحتمله صبرك في هذه الأحداث:
{ { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } [الكهف: 78-79] أي: يأخذ كل سفينة صالحة.
ولا شكَّ أن خرق السفينة مصيبة لأصحابها في ظاهر الأمر، لكن لله تعالى فيها حكمة، حيث كان وراء هؤلاء المساكين ملك ظالم يأخذ كل سفينة جيدة ويغتصبها، فأردتُ أنْ أُحدِثَ بها عيباً حتى لا يأخذها.
إذن: فنحن هنا لا نقارن بين سفينة مخروقة وسفينة صالحة، إنما بين سفينة مخروقة وعدم وجود سفينة أصلاً، فخرْق السفينة أهونُ بالنسبة لأصحابها من أخذها كلية، ثم بإمكانهم أنْ يُصلحوها بعد ذلك، المهم أنْ تسلم لهم من هذا الملك.
{ { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } [الكهف: 80-81] ففي علم الله تعالى أنه سيكون ولداً عاقاً يُحدث فتنة لأبويه، كما قال سبحانه: { { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ .. } [التغابن: 14] فكان في القضاء عليه حكمة.
فإنْ قلت: فما ذنبُ الغلام يُقتل وهو صغير؟ قالوا: لا ذنب له لكنه لم يخْلُ من مصلحة وخير يلحقه هو أيضاً حيث أُخِذ وهو صغير، فقد اختصرنا له الحياة فلم يُعانِ فيها، ولم يقترف شيئاً من سيئاتها، ومات قبل سِنِّ التكليف فلن يُحاسب على شيء، ثم سيكون في عداد الشهداء، ومسكنه في الجنة يتجول فيها حيث أراد ويدخل منها أيَّ مكان حتى على رسول الله، فهو من (دعاميص) الجنة، إذن: فقتله جاء رحمة به.
{ { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } [الكهف: 82].
أولاً عرفنا أن هذه القرية فيها ناس لئآم لا خير فيهم، بدليل أنهم منعوهما الطعام ومَنْع الطعام فيه لُؤْم وخِسَّة، لأن الذي يسأل الطعام غير الذي يسأل المال، الذي يسألك مالاً ربما ليكنزه، أمَّا سؤال الطعام فلا يكون إلا عن حاجة.
لذلك قالوا: أصدق سؤال مَنْ يسألكم طعاماً، فلما منعوهما الطعام كان أمراً عجيباً أنْ يبني لهم العبد الصالح الجدار، فما قصته؟ كان الجدار لغلامين يتيمين في المدينة، وتصوَّر حال اليتيمين بين هؤلاء اللئام، كيف لو ظهر لهم هذا الكنز؟
وقد فهمنا من هذه المسألة أن صلاح الآباء ينفع الأبناء، وأن الغلامين كانا توأماً، بدليل قوله تعالى
{ { أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا .. } [الكهف: 82] فلو كان أحدهما أكبر من الآخر ربما أخذه لنفسه، وأن العبد الصالح بنى الجدار بناء موقوتاً، بحيث يعيش فقط حتى سِنِّ البلوغ لهذين الغلامين، ثم ينهار فيجدا الكنز ويستطيعا حمايته من هؤلاء اللئام، ثم في بناء الجدار عقاب لهؤلاء البخلاء وقصاص منهم على بخلهم، حيث منعهم من أخذ أموال هذا الكنز.
وأخيراً لم يَفُتْ العبد الصالح أنْ يُبيِّن لسيدنا موسى أنَّ ما فعله لم يكُنْ من عنده، إنما بأمر من الله
{ { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي .. } [الكهف: 82] إنما عن أمر الله، إذن: حين تنزل المصيبة وليس لك فيها دَخْل فابحث عن الحكمة منها، ولا بدَّ أنك ستجدها وتهتدي إليها.
والخطاب في { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ .. } [الشورى: 30] خطاب للعموم يشمل المؤمنين والكفار، الكافر لأنه دخل المعركة فهُزم فإنْ أخذ ماله أو قتل فبكفره، أما المؤمن فقد يكون ارتكب مخالفات ومعاصي تستوجب أنْ يعاقب كما في حدّ الزنا، وحدّ شرب الخمر مثلاً، أو أن يُعزَّز.
والحق سبحانه وتعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أنْ يُنبِّه أمته، وأنْ يُعلِّمها كيف تستقبل المصائب، فقال صلى الله عليه وسلم:
"ما يصيب المؤمن من نصيب ولا وصب حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه" .
لذلك يقول أحد العارفين: إنِّي لأعرف مقامي عند ربي من خُلُق دابتي، يعني: حين تحرَن منه دابته أو تتعثَّر يسأل نفسه: ماذا فعلتُ حتى تحرنَ الدابة؟ وسيدتنا أسماء بنت سيدنا أبي بكر كان يلازمها شيء من الصداع، فكانت تمسك برأسها وتقول: بذنبي ويعفو الله عن كثير.
ولتوضيح هذه المسألة قلنا: إن الحق سبحانه خلق الإنسان وحدَّد مهمته في الحياة، ووضع له منهجاً يحميه ويُنظم حركته فيها، فإنْ خالف هذا المنهج لا بدَّ أنْ يحدث له عطب، مثل الآلة يصنعها الإنسان، ويضع لها (كتالوجاً) يوضح كيفية استخدامها، فإنْ خالفت هذه التعليمات تعطلتْ الآلة.
فالحق سبحانه يريد منَّا أنْ نعِيَ هذه القضية، ليطمئن المؤمن حين تصيبه مصيبة أو تنزل به نازلة، فيصبر ولا يجزع ولا يتسخط، بل يبحث عن الحكمة أو ينظر في نفسه: ماذا فعلتُ لتنزل بي هذه المصيبة، فهي ولا بدَّ تغسل عني شيئاً اقترفتُه وذنباً ارتكبته.
هذا حال المؤمن الناصح أنْ يعود لنفسه وأنْ يحاسبها؛ لأنه يعلم مما علَّمه الله أن الدنيا دارُ عمل لا دار جزاء، الجزاء في الآخرة
{ { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ .. } [غافر: 17] إذن: ما يقع لي في الدنيا من ابتلاءات ومصائب ليس جزاءً؛ إنما لفْتُ نظر للعمل الصالح، ولأتعلم من مادية الأشياء أنَّ المخالفة لا بدَّ أنْ يكون لها عقاب.
ثم نحن نشاهد المصائب تحلُّ بالصديق وبالزنديق وتعمُّ الجميع حتى الأنبياء، لذلك ورد في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أشدُّ الناس بلاءً: الأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل" .
فالابتلاءات للأنبياء ليستْ لذنوب ارتكبوها، إنما امتحان في التكليف وأُسْوة للغير، أُسْوة تصلح حال القوم وتُعلِّمهم الصبر عند المصيبة، فحين تنزل بنا المصائب نتذكر مصائب الأنبياء، وكيف أنهم صبروا فنصبر مثلهم، ونصحِّح من سلوكنا مع الله.
وقوله: { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [الشورى: 30] يعني: كثير من ذنوبنا وخطايانا، ولولا عفوه تعالى ورحمته بخَلْقه ما نجا أحد.
لذلك نقول لمن تصيبه مصيبة (كفارة إنْ شاء الله) يعني: جعلها الله كفارةً لذنوبك، وقد ورد في الحديث القدسي:
"وعِزَّتي وجلالي لا أُخرِج عبدي من الدنيا وقد أردتُ به الخير حتى أوفيه ما عمله من السيئات، من مرض في جسمه، أو خسارة في ماله، أو فَقْد ولده، فإذا بقيتْ عليه سيئة ثقَّلْتُ عليه سكرات الموت حتى يأتي كما ولدتْه أمه. وعزتي وجلالي لا أُخرج عبدي من الدنيا وقد أردتُ به الشر حتى أُوفِّيه ما عمله من الحسنات: من صحة في جسمه، وكثرة في ماله، وسلامة في ولده حتى يأتي يوم القيامة، وليس له عندي حسنة، لأنني قلت: لا أضيع أجر من أحسن عملاً" . نعم يغدق الله عليه الخير في دار الفناء لأنه لا حظَّ له في دار البقاء.