خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
١٩
-الزخرف

خواطر محمد متولي الشعراوي

هذه دعوى أخرى من دعاواهم وافتراءاتهم على الله، وتأتي هذه الآية بعد أنْ نسبوا إلى الله الولد { { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا .. } [الزخرف: 15] ثانياً نسبوا إلى الله البنات واستأثروا لأنفسهم بالبنين، وقد أوضح الحق سبحانه فساد معتقداتهم وردَّ عليهم بالحجة وبالدليل من واقعهم المعاش.
وهنا يصفون الملائكة الذين هم عباد الرحمن بالأنوثة وهذا افتراء آخر، يردّ الله عليهم { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ .. } [الزخرف: 19] يعني: كيف يحكمون هذا الحكم على الملائكة، أشهدوا خلق الملائكة وعلموا أنهم إناث، ثم يهددهم { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } [الزخرف: 19] ستُكتب وتُسجَّل عليهم ويُسألون عنها يوم القيامة، ويُحاسبون على كل هذه الافتراءات.
وفي موضع آخر يقول سبحانه
{ { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } [الكهف: 51].
وجاء الواقع ليثبت صدق هذه الآية، ورأينا المضلين في كل زمان يُضلون الناس ويصرفونهم عن الحق، بدايةً من الذين نسبوا لله الولد، ونسبوا لله البنات، ووصفوا الملائكة بأنهم إناثٌ إلى الذين قالوا بأن الإنسان أصله قرد وتطور.
ونسأل كل هؤلاء: أشهدتُم خلق الله؟ الله الخالق يقول:
{ { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ } [الكهف: 51] إذن: لا تُصدِّقوا هؤلاء فهم كذابون ومُضلون، وقد سخرهم الله تعالى لخدمة الحق، وجعلهم دليلاً على صدق كلامه.
ومن هؤلاء المضلين قوم أنكروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: نأخذ بما في القرآن فقط ولا نعترف بالسنة، وقد جاءت هذه الجماعة دليلاً على صدق سيدنا رسول الله الذي أخبر بمجيئهم قبل أربعة عشر قرناً، فقال صلى الله عليه وسلم:
"يوشك رجل منكم يتكئ على أريكته يقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألاَ وإنَّ ما قال رسول الله كما قال الله" .