خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ
٤٩
-الزخرف

خواطر محمد متولي الشعراوي

كلمة الساحر هنا لا تعني اعترافهم بتفوقه في مجال السحر فحسب، إنما تعني الرجل الماهر في كل شيء، المتفوق عليهم في السحر وفي العلم وفي الإحاطة بأمور الحياة، يعني لا مثيل له.
وهذا يُذكِّرُنا بموقف من سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث
"وفد عليه الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وهما من سادة العرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن الأهتم: ما تقول في الزبرقان بن بدر؟ فقال: يا رسول الله مطاع في ناديه شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره، فقال الزبرقان: يا رسول الله والله إنه ليعلم مني أكثر مما وصفني به ولكنه حسدني.
فقال عمر: والله يا رسول الله إنه زَمِرُ المروءة ضيق العطن لئيم الخال أحمق الموالد؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن الأهتم: وما حملك على أنْ تقولَ ما قُلْتَ؟ فقال: يا رسول الله رضيت، فقلت أحسن ما أعلم، وغضبتُ فقلتُ أسوأ ما أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ منَ البيَانِ لسحْراً"
.
الشاهد هنا أن السحر يأتي بمعنى التفوق عامة في أيِّ ناحية من نواحي الحياة. إذن: لما رأوا تصرُّفات موسى خضعوا له وسلَّموا له بالتفوق عليهم، وإنْ كانوا لم يؤمنوا به، ولكن لأنهم مقتنعون بتفوقه بل وبصدق دعوته ذهبوا إليه وطلبوا منه أنْ يدعو لهم، وأنْ يُفرِّج عنهم ما هم فيه من ضَنْك العيش.
فقالوا: { يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [الزخرف: 49] إذن: يعترفون بصلته بربه، لكن ربه هو لا ربهم أيضاً بدليل { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [الزخرف: 49] ولم يقولوا مثلاً: ربنا.
{ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } [الزخرف: 49] لأن ربك يطاوعك ويفعل لك ما تريد، ووعدك بكشف العذاب عمَّنْ آمن بك { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } [الزخرف: 49] يعني: لو كشفتَ عنَّا ما نحن فيه فسوف نهتدي ونؤمن بك.