خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٦٨
-الزخرف

خواطر محمد متولي الشعراوي

كلمة عيد تُجمع على: عبيد وعباد ولكل منهما معنى، عبيد تشمل كل الناس المؤمن والكافر والطائع والعاصي، لأنهم جميعاً عبيد بمعنى خاضعين لله في قَهْريات لا يمكنهم أبداً الفكاك عنها كالمرض والموت وغيره، كلنا مشتركون فيها، وكلنا عبيد بهذا المعنى.
أما العباد فَهُم الخاصَّة الذين اختاروا الله، وأخلصوا له العبادة، وتنازلوا عن اختيارهم لاختيار ربهم ومراده فاستحقوا هذه المنزلة.
{ يٰعِبَادِ } [الزخرف: 68] فنسبهم الله إليه وأضافهم إلى ذاته تعالى، ولم يأت لفظ عباد خلاف هذا المعنى إلا في موضع واحد في معرض الحديث عن يوم القيامة:
{ { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ } [الفرقان: 17] فسمَّاهم عباداً مع أنهم ضالون. قالوا: لأن الكلام هنا عن يوم القيامة حيث لم يَعُدْ لأحد اختيار في أنْ يؤمن أو يكفر، فالجميع هنا طائع لا اختيارَ له فسمَّاهم عباداً.
فالحق سبحانه يكرمنا بهذا النداء { يٰعِبَادِ } [الزخرف: 68] ويشرفنا بالانتساب إليه سبحانه على حَدِّ قول الشاعر:

وَممَّا زَادَنِي شَرَفاً وَعِزاً وَكِدْتُّ بِأخمُصي أَطَأُ الثُّريَّا
دُخولِي تحتَ قوْلكَ يا عبَادي وأَنْ صيَّرتَ أحمدَ لي نبيّا

وقوله: { لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } [الزخرف: 68] نعم فأيُّ خوف ونحن عباد الله؟ أيُّ خوف يصيبنا بعد أن التحمنا به تعالى، ألسنا في الدنيا نقول: لا كرب، وأنت ربّ؟ إذن: { لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } [الزخرف: 68] أي: على ما فاتكم من نعيم الدنيا لأنكم مُقبلون على ما هو خير وأبقى من نعيم الدنيا.