خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ
١٥
-الدخان

خواطر محمد متولي الشعراوي

أي: عذاب الدنيا الذي نزل بهم، والذي سمَّاه القرآن العذاب الأدنى { { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [السجدة: 21] سنكشف عنهم عذاب الدخان والقحط والجوع الذي اضطرهم لأنْ يأكلوا الميتة، سنكشفه عنكم قليلاً لنثبتَ لكم أنكم كاذبون ولو أمام أنفسكم لتقتنعوا بهذه الحقيقة؛ لأن المؤمنين بي يعرفونها ويشهدون بها، أما أنتم فتنكرونها.
أو يكشف كذبهم أمام الناشئة، منهم الذين لم يتمكن منهم الكفر فيحدث خلخلة في صفوفهم، ويظهر الكافرون على حقيقتهم فلا يُقلدهم أبناؤهم الذين يتابعون هذه المواقف، ويشاهدون كذبَ الآباء والأجداد.
وفعلاً رأينا من أبناء الكافرين مَنْ أسلم وأبلى في الإسلام بلاءً حسناً أمثال عكرمة بن أبي جهل وغيره، ممَّنْ عاينوا كذب الآباء وعدم وفائهم مع الله.
من هؤلاء مصعب بن عمير فتى قريش المدلّل، وأغنى أغنيائها، وكان يتقلَّب في ألوان النعيم لما رأى ما عليه القوم من التناقض، ترك الكفر إلى الإسلام، وتركَ كلَّ مظاهر النعيم ورَضي بعيش التقشُّف.
وقد رآه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد أنْ هاجر يرتدي جلد شاة على كتفه، فتعجَّب وقال: انظروا إلى صاحبكم، كيف فعل الإيمان به؟ ولما مات مصعب لم يجدوا ما يكفنونه به. هؤلاء شبابٌ اختطفهم الإيمان من براثن الكفر.
وقوله: { إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } [الدخان: 15] يعني: راجعون مرة أخرى إلى كفركم وعنادكم وتكذيبكم لرسول الله.