خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٣٤
-الجاثية

خواطر محمد متولي الشعراوي

هنا تأمل لطف الله ورحمته حتى بأعدائه والكافرين به، فالفعل { وَقِيلَ .. } [الجاثية: 34] مبني للمجهول فلم يقُلْ قال الله، فمن رحمته بهم ألاَّ يُواجههم بهذه الحقيقة { ٱلْيَوْمَ .. } [الجاثية: 34] أي: يوم القيامة { نَنسَاكُمْ .. } [الجاثية: 34].
الحق سبحانه وتعالى لا ينسى، فالمعنى نترككم في العذاب مُهملين، ولا نلتفت إليكم بالرحمة، كما يترك الناس الأمر فلا يخطر ببالهم، لأنه لو خطر بباله ربما أخذتْه الرحمة بهم.
ثم يُبين الحق سبحانه علة هذا النسيان { كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا .. } [الجاثية: 34] يعني: ننساكم في العذاب كما نسيتم هذا اليوم وكما تركتم العمل له { وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ .. } [الجاثية: 34] المأوى: هو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ليرتاح من التعب، أو يأمن من الخوف، فما بالك إنْ كان مأوى هؤلاء النار ومُستقرهم ونهايتهم، ماذا يكون حالهم؟
وفوق هذا كله { وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [الجاثية: 34] هذا قَطْعٌ للأمل في النجاة، وتيئيس لهم، فهُمْ في هذا المأوى لن يجدوا مَنْ يُخلِّصهم منه أو يعطف عليهم ويخفف عنهم العذاب، بل بالعكس سيتبرأون منكم ويتركونكم في العذاب، بل ويسبقونكم إليه، كما قال في فرعون:
{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ .. } [هود: 98].