خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٠٦
-الأنعام

خواطر محمد متولي الشعراوي

وساعة يتكلم متكلم لمخاطب بأمر هو فيه وقائم عليه مؤدٍ له فلابد أن نفهم حقيقة المراد، مثلما يقول الحق سبحانه: { { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ } [النساء: 136].
وبأي شيء نادى الله خلقه المؤمنين هنا؟ لقد قال:
{ { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ } [النساء: 136]، فكيف يقول: "آمنوا"؟ لقد ناداهم لأنهم آمنوا إيمانا استوجب خطابهم بالتكليف، والإنسان ابن أغيار. فيوضح أن الإيمان الذي استقبلتم به التكليف من خطابي داوموا أيضا عليه، وجاء الأمر هنا بدوامه، أي كما آمنتم إيمانا جعلكم أهلا للتكليف في مخاطبتكم وقلت لكم يأيها الذين آمنوا: الزموا هذا وداوموا على إيمانكم. وقوله الحق: { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ } هو قول لرسول متبع، إذن فهو يحمل الأمر بالمداومة على الاتباع، ولا يحزنك ما يقولون يا محمد؛ لأنك مؤيد من ربك ويتولى الدفاع عنك ويلقنك الحجة. { { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [الفرقان: 33].
ويقول الحق بعد ذلك موجها حديثه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }.
ونعلم أن الوحي هو إعلام بخفاء، وكل وحي هو إعلام بخفاء وقد أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصور شتى، ولكن كل ما يتصل ويختص بالقرآن كان بواسطة جبريل: وقوله الحق { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }.
أي أنه لا يوجد إله إلا هو سبحانه، ولا يمكن أن تغير أنت المنهج النازل إليك منه، وعليك أن تعرض عن المشركين، فلا تجالسهم، ولا تخالطهم، ولا تودهم. إنه إعراض الفطنة والإرشاد والبلاغ.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك:
{ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ ... }.